هذه المجلة ترحب بمداد أقلامكم و كذلك بما ترونه مناسبًا و ذا فائدة للنشر.
بامكانكم إرسال مقترحاتكم و طلباتكم و المقالات على بريد المجلة :
___________________________

الكاتب : الشيخ علي الكوراني العاملي
معرفة الله *
_________
جرت لنا مع عدد من الملحدين نقاشات في شبكات النت وقد أصدرنا خلاصتها في كتاب (ثمار الأفكار) ورأيناهم يهربون من النقاش العلمي ، لأن بضاعتهم الإنكار والمكابرة لا غير !
ومما وجهناه اليهم:
1- سؤال للماديين: هل الحسُّ محسوس؟!
فقد بنوا فكرهم ودينهم على النظرية الحسية القائلة: كل شئ غير محسوس فهو غير موجود ! فهم يؤمنون بوجود الحس ويجعلونه أصل نظريتهم ، وقد غفلوا عن أن الحس من الغيب غير المحسوس !
فإن قالوا يعرف الحس بالحس فبأي الحواس؟ بالبصر أو السمع أو الشم أو الذوق أو اللمس؟! وإن قالوا يعرف بالعقل فقد اعترفوا بموجود غير محسوس يدركه العقل وبطلت نظريتهم الحسية !
وبما أنهم لم يجيبوا على هذا السؤال ، فمعناه أنهم يقرون بأن النظرية المادية مبنية على أمر غير مادي (غيبي) ! ويضطرون الى موافقتنا في أن الحقائق منها ما يعرف بطريق الحس ومنها بطريق العقل ، وكلها حقائق لا فرق بينهما من هذه الجهة .
2- ومن نوع هذا السؤال: الأذن..والسمع..أيهما الموجود؟
وهو سؤال يعجز عن جوابه من لا يؤمن بالله تعالى ! فهل تسمع بسمعك أم بأذنك؟ وهل الموجود الأذن والسمع كلاهما.. أم الأذن فقط؟! فالأذن والأعصاب تنقل الذبذبات الى المخ، وهي موجودات محسوسة ، ولك سمعٌ تسمع به وهو وجودٌ غير محسوس !
وفي الحقيقة أن الأذن ليست هي التي تسمع ، بل هي جهاز ينقل الذبذبات كأي طبلة وأسلاك ، والمخ ليس هو الذي يسمع ، بل هو جهاز ينقل الإشارات الى السمع ، فهذا السمع إن كان موجوداً مادياً فأين هو وأين مكانه؟ وإن لم يكن موجوداً فلا يمكن أن نسمع ! ولاجواب إلا أنه موجود غير مادي عرفناه بالعقل ، فهو غيبي !
فالسمع موجودٌ مستقل وليس انعكاساً مادياً لأدواته حتى يكون وجوده بوجودها ، فلو لم توجد فهو موجود ، ولو وجدت وسيلة أخرى غير الأذن ، تؤدي دورها لحصل السمع ، فالسمع غير أدواته ! وإن أصروا على أن السمع أثر للمادة ، يبقى السؤال: هو أثرٌ مادي أم غير مادي، فإن كان مادياً فأين هو؟وإلا فقد سقطت النظرية الحسية !
إن الصحيح في السمع والحس أنه موجود بوجود مستقل عن الجسم ، وأنه قوةٌ من قوى الروح التي ترتبط بالبدن بنحو تتقبل رموز تفاعلاته المادية ، وتترجمها الى مدركات !
إن الذي يكلمك ليس بدن مخاطبك بل روحه، بوسيلة آلية معينة.. والذي يفهم منه ويجيبه ليس بدنك بل روحك ، بواسطة آلية معينة ! قال الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً. (الإسراء:85). وستبقى معلومات البشر عن الروح قليلة، وستبقى روح المؤمن والملحد التي بين جنبيه لغزاً ، بها يحيا ويفكر ويتساءل ولايعرف عنها إلا أقل القليل ! وكلما كشفوا معلومة منها انكشفت جوانب أكثر إعجازاً وإلغازاً !
إن الروح حقيقة صارخة ، تجعل الإنسان خاضعاً أمام خالقها ومقنن قوانينها ! لكن أين أصحاب العقول غير المدخولة؟!
إن للروح قوانينها الخاصة وزمانها ومكانها الخاصَّيْن ، وإن كانت مرتبطة بالبدن والزمان والمكان! (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً).
3- وسؤالان آخران للقائل بالحقيقة النسبية: الأول: هل وجودك أنت حقيقة يقينية ثابتة أم نسبية؟ ومهما أجاب فقد أسقط نظريته .
والثاني: سؤاله عن نظريته نفسها هل هي قاعدة مطلقة أم نسبية؟ فإن قال مطلقة فقد نقضها ، وإن قال نسبية فقد كذبها .
إنه لا بد للإنسان أن يؤمن بوجود حقائق مطلقة ثابتة في كل الأحوال وهي التي نسميها البديهيات الأولية(لا الثانوية).مثلاً: حقيقة أن الكل أكبر من الجزء ، أمرٌ ثابت على كل حال مادام الكل كلاً والجزء جزءً، في كل العلوم وفي كل العصور حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ثم في الآخرة ، إلا أن يخرجا عن كونهما كلاً وجزءً .
والحقائق الرياضية البسيطة ثابتة أيضاً مثل أن(2 × 2=4) فما دام العدد والجمع بهذا المعنى فالنتيجة ثابتة .
وحتى لو تغير معناهما فهو لا ينقض ثبات القاعدة .
وأوضح منه قاعدة: أن الشئ لا يكون موجوداً وغير موجود في آن واحد في مكان واحد في ظروف واحدة (قاعدة استحالة التناقض) فهي ثابتة في كل الحالات ، بديهيةٌ عند كل إنسان لأنها مخلوقة في فطرته وتنمو بنمو عقله ، فعندما تعطي طفلك شيئاً في يده ثم تأخذه منه وتسأله أين هو؟ لا يفتش عنه في يده ! ولو قلت له: في يدك وليس فيها لم يقبل منك ، لأن عقله يعلم أن التناقض محال !!
إن هذه المعلومات الثابتة رأس مال موهوبٌ من الله تعالى لكل إنسان ، مع قدرة على الإتجار به لكسب مجهولات جديدة ، بما يسمى عملية التفكير والإستدلال .
وبعضهم يسمي النتيجة الخاطئة حقيقة بالنسبة الى صاحبها !
لكنه مجاز ، لأن الحقيقة الموضوعية واحدة ، لا تتبع خطأ الإنسان في الإستدلال .
______

الكاتب : الشيخ علي الكوراني العاملي

كيف ردَّ الشيعة غزو المغول*

_______

في ربع القرن الأخير تمت المزاوجة والوحدة التامة بين البعثيين والوهابيين في جميع المواد الإعلامية ضد الشيعة (الصفوين) ! فصرت تقرأ نفس المواد ونفس الأفكار والنصوص في مواقع الطرفين في النت
، وتسمعها من وسائل إعلامهم ، وتراها نفسها مطبوعة في الجرائد والمجلات والكتب والكراريس والمنشورات ! كلها تقول إن الصفويين فُرْسٌ متآمرون مع الغرب واليهود على الإسلام ، وأعداء للعرب والمسلمين ، وإنهم اخترعوا مذهب التشيع من أجل ضرب الإسلام السني الذي هو الإسلام الصحيح فقط !
لقد صوروا الحاضر بما يتخيلون ، ثم أسقطوه على التاريخ وارتكبوا لذلك الكذب الواضح الفاضح ، كقولهم إن الشاه إسماعيل الصفوي هو الذي شن الحرب على خلافة بني عثمان جُق ، وشَغَلَهم عن حربهم مع البرتغال ! .

  • ثوريون قلدوا النواصب بغير علم

لاشك في وجود نقاط ضعف في سياسات الصفويين وشخصيات ملوكهم ، فهم من هذه الجهة كغيرهم من أصحاب مشاريع الدول الذين خاضوا حروباً وصراعات مع القريب والبعيد ، وكغيرهم من الملوك الذين حكموا المسلمين فظلموا وعدلوا ، وخلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً !
لكن ليس تقييمنا ولا تقييمهم من هذه الناحية ، بل من ناحية مذهبهم والخط العام لحركتهم.. فإلى هذا الفكر الستراتيجي يتوجه نقدهم، وعنه يتوجه دفاعنا .
كان الشباب الإيراني المسلم يعيش تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي ، المتحالف مع الغرب وإسرائيل ، المعادي للتوجهات العربية والإسلامية ، وكان الشباب يناضلون مع علمائهم لإسقاط نظامه وإقامة حكم إسلامي ، فقيل لهم إن حكم الشاه مثل حكم الصفويين ، فكلهم يتوارثون الحكم عن أب وجدّ ، فصدقوا هذه المقولة وحملوها شعاراً في نضالهم بدون علم ولادراسة للتاريخ!
وسافر بعضهم للدراسة في الغرب وسمعوا انتقاد الطلبة من بلاد عربية وإسلامية للشاه والصفويين ، فتناغموا معهم في ذلك وصدقوهم ، وحملوا أفكارهم وتهمهم للصفويين، وسوَّقوها في إعلام الثورة الإسلامية وأدبياتها ، وخلطوا حكم الصفويين بحكم الشاه ، وسرى انتقادهم الى المفردات التي يرونها سلبية من المجتمع الإيراني باعتبارها مفردات صفوية، وأكثروا تكرار ذم الصفوييين حتى كأن ذلك من شروط الثورية والتقدمية ، والتبرؤ من الرجعية !
ولم يعرف هؤلاء البسطاء أنهم جاؤوا ببضاعتهم من سوق النواصب والغربيين وأكاذيبهم ، وأخذوا يبيعونها في مجتمع الشيعة !
من باب المثال ، قالوا لهم إن السلطان سليم كان يمثل الخلافة الإسلامية العثمانية الشاملة للعالم الإسلامي ، والسلطان إسماعيل الصفوي كان يمثل القومية الإيرانية ومذهب التشيع ! فقبلوا منهم !
وهذا هو الإنهزام والجهل أمام كذب الخصوم ! فالسلطان سليم عندما هاجم إيران لم يكن خليفة ! بل كان سلطان قسم من تركيا وما ضموه اليها من مناطق البلقان وأوروبا الشرقية فقط . بينما كان السلطان إسماعيل سلطان إيران وما وراء النهر وقسم من القوقاز والعراق وساحل الخليج ، وكان حليفه السلطان قانصوه الغوري سلطان مصر وسوريا والحجاز وقسم من تركيا ، وكان السلطان الرسمي وعنده الخليفة العباسي . فلماذا يفترضون أنه كان يجب على السلطان إسماعيل أن يطيع العثمانيين؟ ولا يفترضون في السلطان سليم أن يطيع السلطان الشرعي والخليفة الشرعي الساكن في مصر ، كما كان يفعل آباؤه وأجداده مدة قرون ؟
ولماذا يحق للسلطان سليم المغولي أن يشن حرباً على سلطان مصر في سوريا ويأسر الخليفة العباسي ويأتي به الى بلده ويجبره على بيعته سلطاناً أو خليفة ، ولا يجوز للسلطان إسماعيل أن يعلن نفسه خليفة لكل المسلمين وهو قرشي علوي ، أشرف وأكرم من الخليفة العباسي ؟!
في اعتقادي أن هؤلاء الشباب المتحمسين لو قرؤوا مصادر التاريخ ، بالعربية أو بالفارسية ، أو بالفرنسية والإنكليزية ، لتغير رأيهم وعرفوا أنهم خدعوا خدعة كبيرة من كذابين مزورين للتاريخ ! والآن لم يفت الوقت ، فنحن بحاجة الى قراءة جديدة للتاريخ علمية ، لا سطحية مقلدة للوهابيون والقوميين المتعصبين !
وبهذه القراءة سنجد أن العثمانيين لم يكن لهم أرض في بلاد المسلمين إلا قسم من تركيا وساحلها ، فتوغلوا في أوروبا الشرقية ونجحوا وضموا الى دولتهم أكثر بلادها ، ثم بدؤوا بالتوغل في أوربا الغربية وحقق بايزيد نجاحات باهرة ضد البلغار والمجر والإيطاليين ، فخافت أوروبا منه وتحرك الفرنسيون بنشاط وأقنعوا ابنه سليم بالثورة على أبيه وقتله ، وإيقاف التوغل العثماني في أوروبا والتوجه الى شيعة الأناضول وديار بكر ، ثم الى إيران ، ثم الى سوريا ومصر ! فنفذ سليم خطتهم بالكامل وأعطى فرنسا امتيازات في كل بلاده لم تكن تحلم بها أبداً ، كما ستعرف !
كذلك أدعو هؤلاء الشباب الى قراءة التشيع بعمق من مصادره، وترك السطحية والشعارات الخداعة ، فما معنى تقسيم التشيع الى تشيع علوي وتشيع صفوي؟
إنه شعار ودعوى كبيرة محشوة بالإبهام الغموض ، ولذلك كان أول ما تحتاجه أن يفسر صاحبها مقصوده منها ؟
يقول إن التشيع العلوي هو الإسلام المحمدي الصافي ، وهو ثورة دائماً ، والتشيع الصفوي تشيعٌ دولة يدعو الى طاعتها !
أقول: ما دام التشيع هو الإسلام ، فهل يعقل أن ينزل الله تعالى ديناً يقتصر فيه على الأمر بالثورة وهدم الباطل ، بدون الأمر ببناء البديل الحق ؟
وبماذا تصف ثورة الصفويين على الباطل ، أليس تشيعاً علوياً ؟ وبماذا تصف عملية البناء التي تدعو اليها أنت بعد هدم الباطل فهل هي عمل صفوي وليس علوياً؟
إنها لغةٌ هلاميةٌ ضبابيةٌ ، يستعملها أصحابها هرباً من المنهج العلمي ، فيختار أحدهم ألفاظاً ذات أبعاد شعارية تهويلية ، ومنها مقولاتهم:

.
التشيّع العلوي تشيّع تقية المناضل ، والتشيّع الصفوي تشيّع الخامل !
التشيع العلوي تشيع الإجتهاد والإنفتاح ، والصفوي تشيع الجمود والانغلاق !
التشيّع العلوي الرجوع الى العالم المتخصص ، والصفوي هو الطاعة العمياء !
التشيّع العلوي تشيّع الإنسانية ، أما التشيّع الصفوي فتشيّع القومية !
التشيع العلوي تشيّع ثورة كربلاء ، والتشيّع الصفوي تشيّع مصيبة كربلاء !
التشيّع العلوي تشيّع الوحدة ، أما التشيّع الصفوي فهو تشيّع الفرقة !
التشيّع العلوي تشيّع التوحيد ، أما التشيّع الصفوي فهو تشيّع الشرك !
التشيّع العلوي تشيّع السنة ، أما التشيّع الصفوي فهو تشيّع البدعة !
التشيع العلوي يقارع الظالمين ، والتشيع الصفوي يخدم الظالمين .
التشيّع العلوي تشيع الإنتظار الإيجابي ، والتشيع الصفوي الإنتظار السلبي .
الى آخر التعابير التي اخترعها مؤلف الكتاب كالتسنن الأموي والمحمدي !

.
وجاء الدكتور سروش وهو من الحداثويين المغرمين بالغرب وبفرنسا خاصة ، فأمعن في أفكار شريعتي وأبحر في ضبابيتها ، وصعَّد حملته على التشيع الصفوي والإسلام الصفوي ، ودعا الى إسلام في إيران بدون أن يقلد الناس الفقهاء ! ومعناه أنه يدعو الناس لأن يقلدوه هو ! لأن الرجوع الى المتخصصين ضرورة حياتية .
كما طرح القراءات المتعددة للإسلام ، التي يطرحها المستشرقون الفرنسيون وتلاميذهم ، وهي دعوة تبدأ بنقد الوضع الحاضر ، وتدعو الى فتح باب الإجتهاد وتقبل الفهوم المختلفة ، لتصل الى تخريب ألفاظ النص الإسلامي وجعلها مفتوحة لأعمال الشيطنة في التحريف باسم التفسير .
ثم طرح عبد الكريم سروش أفكار الغربيين وبعض المتصوفة الذين يدعون الى عدم التقيد بأي دين ولا شرع ، في مقولته التي سمهاها (الصراطات المستقيمة) وهي تعني أن كل الطرق السماوية والأرضية تؤدي الى الله تعالى !
هذا ، وهو يقول إنه مسلم متضلع في الإسلام، يؤمن بقوله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاتَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون .
ومعناه أنه يعرف اللغة العربية ، وأن الله العليم الحكيم عز وجل اختار للإسلام إسم (الصراط)وهو لفظ مفرد لا جمع له ، واختار لما قابله إسم (السُّبُل) وهو جمع سبيل !
لكن هذا المثقف الحداثوي يقول إن الله تعالى أفرد صراط الهدى بإسمٍ لاجمع له ولكني أنا أجمعه ، فأقول: (صراطات الهدى) ! فماذا تقول لشخص يدعي تديناً وفهماً وهو يقول: قال الله ولكني أقول !
على أني أشك في فهم العرب الحداثويين للغة العربية ، فكيف بغيرهم من الإيرانيين والأتراك والفرنسيين؟! ومن طريف معرفتهم بالعربية ما قاله الرئيس الإيراني السابق الدكتور بني صدر وكان يخطب في قم فقال: إذا وصلت الى نقطة لاتعرف فيها ماذا تفعل فلا تقف ، بل واصل سعيك وجاهد ، قال الله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ !! ثم أخذ يطبق الآية على فكرته !!
ولهذا التخليط بدون علم وصل الدكتور سروش من (الصراطات المستقيمة) الى إنكار بديهيات الوحي باسم الحداثة والعلم ! وهذه نتيجة من يقلد الفرنسيين بدون أن يقرأ الإسلام من مصادره ولغته، إلا بعض كتابات حداثويين فرنسيين !
لايتسع المجال هنا للإفاضة في هذا الموضوع ، لكن ينبغي أن نشير الى جماعة أسسها المستشرقون الفرنسيون هي(الجماعة الحداثوية) وقد حاولوا أن يعطوها صفة الفكر والمنهج فقالوا: الفكر الحداثوي والمنهج الحداثوي ، وربَّوْا عليها تلاميذ وأطلقوهم في بلادنا باسم الحداثويين المجددين للثقافة والفكر الإسلامي ، وهم حفاة من العلم والفكر ، لم يقرؤوا الإسلام من مصادره ، ولا فهموا اللغة العربية .
لا أريد القول إن الدكتور شريعتي منهم ، لكنه دون شك متأثر بهم ، ومن أبرزهم في عصرنا الدكتور محمد أركون ، وهو جزائري فرنسي كثير الكلام بدون طائل ، ينتقد الإسلام والقرآن باسم الفكر الحداثوي ، ومن مؤلفاته مثلاً (أنسنة الإسلام) ومعناه أن الإسلام دين بدوي وحشي، فحضرته يدعو الى تفسير قرآنه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله بتفسير يجعلها إنسانية ! وهو في العمق كأساتذته ومربيه لايؤمن بالنبي صلى الله عليه وآله ولا بالوحي والقرآن ، لكنه يغطي ذلك ويتستر بأنه يدعو الى قراءات متعددة للإسلام لخدمة الإسلام ! وقد اقتدى به الدكتور سروش الى حد كبير مع الأسف !
ومشكلة هؤلاء الحداثويين أنهم أصحاب هدف سياسي بثوب علمي ! ولذلك يصرون على استعمال ألفاظ مبهمة غير محددة ، وهو أسلوب خداع علمي !
وقد ناقشت بعضهم في شبكات النت ودعوت بعضهم للمناظرة فتهرب ، وكتبت في نقد فراغهم العلمي ولغتهم التحريفية ! وأكتفي هنا بكلمات حول هذه النقطة :
إن اللغة الفكرية والثقافية أمر مهم يميز الفكر كما يميز الشخصية ، لذلك كانت اللغة التي يتكلم بها نبي الإسلام وأئمته صلوات الله عليهم والتي يكتب بها علماء الإسلام ودعاته.. لغةً فصيحة محددة لها قوانينها وأنظمتها في اختيار ألفاظها وتراكيبها ولها منطقها العام المشترك مع لغات العالم ، ومنطقها الخاص في كل علم ومجال !
لقد اهتم الله تعالى باللغة حتى أنه ربى اللغة العربية قروناً حتى تكاملت فأنزل بها كتابه ووحيه . وقد تعمق علماؤنا في بحث نظام استعمال الألفاظ والدلالات وقوانين التخاطب والبحث واإستدلال ، حتى كان قسم مباحث الألفاظ من علم أصول الفقه عندهم من أعمق الأبحاث في العالم !
لكن هؤلاء الذين يسمون أنفسهم (حداثويين) يتركون كل قوانين اللغات ومنطق التخاطب ، ويصرون على استعمال ألفاظ وتراكيب جديدة ، لأنهم بحاجة لأن يكتبوا مبهماً في مبهم ! وقال كل شئ ولم يقل شيئاً ! وكفر ولم يكفر ! وآمن ولم يؤمن !
إنهم لايريدون الإعتراف بوجود لغة ذات أنظمة معينة في الفقه والعقيدة والفكر الإسلامي كما في الطب والهندسة وكل العلوم ! ويصرون على أن يأخذوا من يناقشهم الى وادي لغة مطاطة مشوهة التكوين والنمط ، خالية من الأصالة والوضوح والدقة في تحديد الأفكار والمسائل والقضايا ، لايفهمها حتى من يتكلم بها !
إن كبارهم ليسوا أكثر من مدعي علم ، فقد بلغ من ابتذال الدكتور أركون وادعائه الكاذب أنه: (دعي الى المشاركة في برنامج أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية في باريس سنة1989م ، للحديث عن الأصول الإسلامية لحقوق الإنسان ، وبعد أن أنهى محاضرته ، انبرى له المستشرق الفرنسي أرنالديز ، الذي وصفه المترجم هاشم صالح لكتاب (الفكر الإسلامي نقد واجتهاد لأركون) بأنه المختص الوحيد في الإسلاميات ضمن الموجودين، فقال موجهاً كلامه لأركون:(سأدافع ولو للحظة عن كل أولئك الفقهاء والعلماء والمفسرين الذين طالما درستهم وعاشرت نصوصهم! سوف أذكِّر محمد أركون بأن هؤلاء الفقهاء كانوا نشطين جداً ، وأنهم حرّكوا النصوص القرآنية، وأنعشوها بتفاسيرهم إلى درجة أنه يصعب علينا اليوم، حتى باسم العلوم الإنسانية العزيزة جداً عليك يا سيد أركون، أن نجد فيهاشيئاً آخر جديداً غير الذي وجدوه).

(من شبكة ملتقى البحرين).
http://207.218.251.14/forumdisplay.php?s=409344d4c14887aca585bb53aeb1ba2c


وأخيراً ، فقد حمل السلفيون قميص الدكتور شريعتي ، وروجوا لمقولة التشيع الصفوي وطبلوا فيها في كتبهم ومنشوراتهم المعادية للتشيع ، حتى أوصلوها الى مقولة: التشيع العلوي يتولى عمر بن الخطاب ويحبه ، والتشيع الصفوي يتبرأ من عمر !

ووجدوا من القوميين (الشيعة)شخصاً يتحدث عن نظرية التشيع العلوي والعجمي المزعومة في قناة المستقلة المعروفة بعدائها للشيعة ، ويؤلف لهم كتاباً يروج به لهذه المقولة ن ويصفق له الوهابيون !
وكلها محاولات يائسة لتصنيف الشيعة الى أصناف وأقسام وهمية ، لعلهم يجدون منهم إمعات تتبعهم أو تتأثر بهم ، وتسوِّق بعض أفكارهم
!

_____

* المصدر.

الكاتب : د. علي الوردي
مهزلة العقل البشري *
_______
ان التاريخ البشري عبارة عن تفاعل مستمر بين جبهتين متضادتين. وبكلمة أخرى: انه عبارة عن صيرورة وحركة دائبة.
يجوز للضابط العسكري ان يدرس التاريخ من ناحية واحدة.
فمهنته تستوجب ذلك. وهو مضطر اذن ان يركز نظره على الفتوح الحربية وعوامل نجاحها أو فشلها.
وهو لابد أن يعجب بالفاتحين ويحترم ما تم على يدهم من انجازات عسكرية رائعة. فأعظم الناس في نظره هم رجال من طراز هانيبال ويوليوس قيصر ونابليون وجنكيز خان. اما من كان من طراز عيسى أو ابي ذر أو روسو فهو ليس في العير ولا في النفير.
ان الباحث الاجتماعي الحديث ينظر في التاريخ نظرة أخرى.
فهو محايد يدرس وقائع السلاطين الفاتحين كما يدرس وقائع الشعوب المفتوحة، فلا يدين جانبا ويبرىء جانبا. الكل في نظره سواء. فاذا جاز للسلاطين ان يفتحوا الامصار جاز للشعوب ان تشكو منهم وتتمرد عليهم. ان السيطرة والتمرد وجهان متلازمان من أوجه التاريخ الاجتماعي، وليس من الممكن فصل أحدهما عن الآخر.
ولولا وجودهما جنبا الى جنب لما ظهرت في التاريخ تلك النبضات الحية.الملاحظ في تلاميذنا انهم يحتقرون القرآن رغم تظاهر البعض منهم بتقديسه. فهم يمجون ما فيه من تكرار لقصص الانبياء.مشكلة هؤلاء انهم اعتادوا على قراءة الكتب المدرسية، فاذا قرأوا القرآن وجدوه من نمط آخر فيستبشعونه ويملّون منه. وهم لو انصفوا لعلموا ان القرآن أقرب فهما لروح التاريخ من جميع الكتب التي يقرأونها في المدارس. فهو يصور لنا التفاعل الاجتماعي بأجلى صوره. وحين يقرأه الباحث في ضوء النظريات الاجتماعية الحديثة يبدو التاريخ امامه زاحفا بهديره وضجيجه.التاريخ في القرآن عبارة عن صراع مرير بين رجال من طراز فرعون ورجال من طراز موسى.
وفي كل زمان موسى وفرعون. فالتاريخ اذن لا يهدأ ولا يفتر. فهو يطلع علينا في كل يوم بطور جديد ينسينا الماضي ويحركنا نحو المستقبل.يذم القرآن بني اسرائيل، ولكنه يمدح انبياءهم فبنوا اسرائيل قد غروا بأنفسهم واعتبروا أنفسهم "شعب الله المختار" وهم يطمحون ان يظهر من بينهم ملك فاتح يسوّدهم على شعوب العالم. اما أنبياء بني اسرائيل فهم يرون غير هذا الرأي اذ كانوا دعاة ثورة واصلاح أكثر مما كانوا دعاة فتح وسيطرة.يؤكد القرآن في بعض آياته على حقيقة اجتماعية لم يلتفت اليها أحد من المؤرخين القدماء.
انه يقول: ان الله لا يكاد يرسل نبيا الى قوم حتى يقاومه المترفون منهم ويتبعه المستضعفون.ان البحوث الاجتماعية الحديثة توافق القرآن من هذه الناحية موافقة تكاد ان تكون تامة. فالمترفون في كل أمة يقاومون الحركات الاجتماعية الجديدة وهم يعتزون بتقاليدهم الموروثة أولا، وبأموالهم المقنطرة ثانيا وبمكانتهم الاجتماعية ثالثا. وهذا يشابه ما قال به القرآن الى درجة تدعو الى التأمل.أخذ المسلمون في عهودهم المتأخرة يفهمون القرآن على غير حقيقته. فهم اعتبروه سجلا للعلوم والفنون على اختلاف أنواعها. ففيه أسرار الذرة والفلك وفيه الادوية والعقاقير، وفيه الجغرافية وعلم طبقات الارض. وهم يناشدون كل عالم ان يقتبس علومه من القرآن.
واذا عجز العالم عن العثور عما يطلبه فيه كان ذلك دليلا على قصور ذهنه، فهو لو صبر على البحث لوجد في القرآن كل ما يروم.والانبياء قد اتخذوا في كفاح المترفين سبلا شتى. فمنهم من اتخذ طريق الثورة الايجابية كموسى، ومنهم من اتخذ طريق الثورة السلبية كعيسى، ومنهم من مزج بين الطريقتين كمحمد. اختلفوا في الوسيلة ولكن غايتهم كانت واحدة هي مكافحة المترفين الظالمين والدعوة الى مبادىء العدالة والمساواة.يريد المترفون ان يرجعوا بالمجتمع الى الوراء. ويريد الانبياء ان يسيروا به الى الامام.
وبواسطة هذا التدافع الاجتماعي تنمو الحضارة من جهة ويتطور المجتمع من الجهة الاخرى.ان كل دين يحتوي على ظاهر وباطن. اما باطنه فيتمثل بالمبادىء الاجتماعية التي دعى اليها النبي في أول أمره. ولا يكاد يمر الزمن على الدين حتى يستلم زمامه الكهان، وعندئذ ينسى الناس مبادىء الدين الاولى ويهتمون بالطقوس الشكلية، اذ يتخيلون الله كأنه سلطان من السلاطين لا يريد من رعيته سوى ابداء الخضوع له ولا يبالى فيما سوى ذلك بشيء.حين ندرس تاريخ الامة الاسلامية نجده يجري في نفس الطريق الذي جرى فيه تاريخ الامم الاخرى. والمسلمون بشر كسائر الناس. وليس من المعقول ان يسيروا في تاريخهم سيرا شاذا يمتازون به عن غيرهم من البشر.
لقد ظهر في الاسلام سلاطين مترفون، ولابد ان يظهر إزاءهم ثوار متذمرون على أي حال. وقد تنبأ عمر بذلك حين شاهد الغنائم الهائلة من الجواهر والذهب والفضة فقال: "أجل، ولكن الله لم يعط قوما هذا إلا ألقى بينهم العداوة والبغضاء".
يصف القرآن محمدا بأنه كان مذكرا لقومه لا مسيطرا عليهم. وهل بمقدور انسان، مهما كانت عظمته وحكمته، ان يصب التاريخ في القالب الذي يريده. التاريخ البشري أقوى وأعمق من أن يؤثر فيه النصح والتذكير اما المفكرون الطوبائيون الذين يريدون تحويل التاريخ عن مجراه الطبيعي فهم اولو عقول ضيقة لا تتعدى اقوالهم نطاق البرج العاجي الذي يعيشون فيه.نحن قد نرى انسانا تقيا قد بح صوته في الدعوة الى العدل والصلاح، فنحسبه عادلا في صميم طبيعته. وهذا خطأ انه يدعو الى العدل لانه مظلوم، ولو كان ظالما لصار يدعو الى الصوم والصلاة.ومن مزايا محمد انه ترك في أمته أثرين مختلفين. فهو قد وحد العرب ووجههم نحو الفتح من جهة، وهو من الجهة الاخرى قد علمهم دينا فيه قسط كبير من تعاليم العدالة والمساواة. ولهذا وجدنا العرب الفاتحين يحملون القرآن في يد والسيف في اليد الاخرى. فالسيف من طبيعته القسوة والظلم والقرآن من طبيعته الثورة والدعوة الى العدل.ومن هنا وجدنا في كل بلد يفتحه العرب ثورة تنادي "وا محمداه".فمحمد لم يوجه العرب نحو الفتح من أجل الفتح ذاته.
انما قصد من الفتح انقاذ الشعوب المفتوحة مما كانوا يعانونه من ظلم الفاتحين قبله. وقد صرح القرآن بذلك حيث وصف اتباع محمد بأنهم "الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور".يحاول بعض المستشرقين ذم الاسلام اذ وصفوه بانه كان يحمل القرآن باحدى يديه والسيف باليد الاخرى. وما دروا انهم يمدحون الاسلام من حيث أرادوا ذمه.
فالاسلام قد انتج بهاتين اليدين تفاعلا اجتماعيا لا يخمد له أوار. فكان يخضع الناس من جانب ويثيرهم من الجانب الآخر. فانبعثت من هذا التناقض بين الاخضاع والاثارة حركة اجتماعية قلما نجد لها مثيلا في التاريخ.وفي أيام الخلفاء الراشدين كان حملة الدين بمثابة صمام الامن في الجيوش الفاتحة. فكانوا لا يرون قسوة أو تعذيبا حتى يقاوموه ويشتدوا في ردعه. ومعنى هذا ان الفتح الاسلامي يختلف عن أي فتح آخر من الفتوح القديمة. فهو لا يحتوي على جنود محاربين فقط، انما كان يحتوي فوق ذلك على قراء مؤمنين يقفون في جانب الشعوب المفتوحة ويؤدونها في شكواها.استمر الفتح الاسلامي على هذا المنوال طيلة عهد الخلفاء الراشدين.
فلما ظهرت الدولة الاموية أخذ شيء من التغير يحدث فيها تدريجا. وهذا التغير نشأ من كون الصحابة والتابعين صاروا ينتقدون سياسة الدولة الجديدة ويبتعدون عنها.التف حول الدولة الاموية جماعة من المتزلفين وأخذوا يتظاهرون أمام الناس باسم الدين. وهم لم يكونوا في الواقع سوى كهان، شأن أية جماعة من رجال الدين يحيطون بالسلطان ويدعون له. اما الصحابة الحقيقيون ومن جاء بعدهم من التابعين فقد ساروا في حياتهم سيرة أخرى، اذ اتخذوا لهم المساجد مراكز يبثون منها تعاليمهم المحمدية. ونشأ بين المسجد والقصر حينذاك صراع عميق.ظهر في جانب الدولة رجال من طراز بسر بن ارطاة والحجاج ابن يوسف ومسلم بن عقبة وشمر بن ذي الجوشن. أما في جانب الدين فظهر رجال من طراز الحسن البصري وسعيد بن المسيب وعلي ابن الحسين وسعيد بن جبير.
اولئك اتخذوا لهم السيف دينا وبرعوا فيه. وهؤلاء اتخذوا القرآن دينا وأخذوا يبثون تعاليم الثورة المحمدية بين الشعب المفتوح.عندما اشتد الحجاج على الموالي وأخذ يفرض عليهم الجزية رغم اسلامهم، خرج جماعة من زهاد البصرة الى الموالي يواسونهم. وهناك حدث، كما يقول الرواة عويل وبكاء، وصاروا يهتفون جميعا: "وا محمداه!".ان الاستقطاب الاجتماعي والفكري لابد من ظهوره في مثل هذه الظروف. وكلما اندفع قوم في جانب اندفع خصومهم نحو الجانب الآخر. ونحن لا نستطيع ان نضع اللوم في هذا على قوم دون قوم. فكما يحدث التجاذب والتنافر في عالم الكيمياء والفيزياء يحدث كذلك في عالم الاجتماع البشري. ولابد مما لابد منه.والاسلام باعتباره مجموعة من مبادىء المساواة والاخلاق الفاضلة هو بعيد عن صفات جميع الاقوام كما هم عليه في الواقع. فالناس في حياتهم الواقعية متأثرين بعاداتهم الراهنة وما ورثوا عن الآباء من تقاليد. وهم حين يدخلون الدين لا يأخذون منه سوى ما ينفعهم في تنازع البقاء.يقول الحسين بن علي: "الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحطونه ما درت معائشهم فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون". وهذه حكمة اجتماعية يجب على الباحث المحايد أن يضعها أمام نظره حين يريد أن يدرس تاريخ أمة من الامم.والناس الذين كانوا يعيشون في عهد بني أمية هم انفسهم يعيشون بيننا الآن.
ولا ننتظر من اولئك الناس ان يكونوا أفضل من هؤلاء. فالناس كالناس والايام واحدة.أخذ الحجاج يقتل الناس وهو فخور فهو ينصر الاسلام بسيفه كما زعم. وعند هذا قام الموالي ينادون: "وا محمداه!". ولو أن الموالي كانوا هم الفاتحين لثار الحجاج عليهم وأخذ ينادي "وامحمداه! اين العدالة والمساواة التي جاء بها محمد بن عبد الله!".
على هذا المنوال يتحرك التاريخ. ولو لا ذلك لجمد التاريخ ووقف عند حد ثابت لا يتعداه.ان الدين له دوره في التاريخ، كما ان للدولة دورها فيه. ومن يبغي ان يدرس التاريخ بمنظار أحدها ويهمل منظار الآخر كان كمن يشتهي من التاريخ ان يقف. وهذا مستحيل.ان الدين والدولة أمران متنافران بالطبيعة فاذا اتحدا في فترة من الزمن كان اتحادهما موقت، ولا مناص من أن يأتي عليها يوم يفترقان فيه. واذا رأينا الدين ملتصقا بالدولة زمنا طويلا علمنا انه دين كهان لا دين أنبياء.شاء الله ان يظهر في الاسلام رجلان مختلفان هما معاوية وعلي. أحدهما أسس الدولة المترفة في الاسلام والآخر بذر بذور الثورة عليها.يقول بعض المستشرقين ان الجيوش الفاتحة ادخلت الشعوب في الاسلام بحد السيف. وهذا قول يصعب علينا الموافقة عليه. ونحن نعرف ان السيف اذا استخدم في التبشير الديني أدى الى عكس المطلوب. والانسان مجبول على معاكسة كل رأي يفرض عليه بالقوة.
وكلما اشتد الاضطهاد على قوم من أجل دينهم اشتدوا من جانبهم في التمسك به والتاريخ مملوء بالقرائن المؤيدة لما نقول.وقال آخرون: الشعوب دخلت الاسلام هربا من الجزية. وهذا قول لا يخلو من وهن أيضا. فليس من الهين على الناس ان يتركوا دينهم القديم من أجل دراهم معدودة يدفعونها كل عام. واذا جاز ان يفعل ذلك بعض الناس فان السواد الاعظم منهم مستعدون ان يبذلوا أموالهم وأرواحهم في سبيل الدين الذي وجدوا عليه آباءهم، لاسيما في ذلك الزمان الذي كان الدين فيه ذا نفوذ قوي في النفوس.قد يقول البعض: ان الشعوب المفتوحة دخلت الاسلام بعدما وجدته خيرا من دينها القديم. وهذا رأي لا تؤيده القرائن الاجتماعية.
فالدين هو عاطفة قلبية أكثر مما هو تفكير منطقي.لابد ان يكون هناك عامل اجتماعي آخر، غير هذه العوامل، دفع الشعوب المفتوحة الى اعتناق الاسلام. فما هو؟الذي نلاحظه في تاريخ الاديان ان الناس لا يعتنقون دينا جديدا الا حين يجدون فيه سدا لحاجة نفسية أو اجتماعية يحسون بها. والظاهر ان الشعوب المفتوحة وجدت في الدين الذي جاء به بنو علي شيئا مما يبتغون فاعتنقوه وأخذوا يصاولون به حكامهم الجائرين. وهو دين يشبه الى حد كبير تلك الاديان التي جاء بها الانبياء في سالف الازمان.اختفى الصراع بين الحاكم والمحكوم، في العصر الحديث، تحت ستار من الجدال الحزبي والحملات الانتخابية، فظن الناس انه غير موجود. وهو في الحقيقة موجود ضروري في آن واحد. انه صراع بين غالب ومغلوب. ومن النادر ان يحب المغلوب غالبه أو يحب الغالب مغلوبه. والذي ينتظر من الغالب والمغلوب ان يتحابا هو كالذي ينتظر من الذئب والحمل ان يتعاونا على البر والتقوى.
نستمع الى الشتائم التي تكيلها الاحزاب المتعارضة الآن بعضها لبعض، يجب ان نذكر انها كانت تكال بشكل ابشع في العصور القديمة. وليس من السهل على من يشهر السيف في وجه خصمه ان لا يطلق عليه لسانه ويتهمه بالتهمة الشنعاء.يقول انصار بني أمية ان المبادىء الاشتراكية التي دعا اليها أبو ذر أخذها من ابن سبأ. والواقع انه أخذها من استاذه علي. فقد كانت بينه وبين علي صحبة قوية وعطف متبادل. وكان ابو ذر معروفا بذلك بين الناس. وكان بنو أمية يدركون هذا ويتذمرون منه مرة بعد مرة.ان ابا ذر لا يحتاج الى رجل يهودي لكي يعلمه المبادىء التى نادى بها. ففي تعاليم الاسلام الاولى مجموعة لا يستهان بها منها. وقد اتضحت هذه المبادىء في خلافة علي بجلاء.
والى القارىء بعض هذه المبادىء التي نادى بها الامام علي:
1_ كان علي يؤمن بان المال للامة اذ لا يمكن ان ينتفع به أحد غيرها. وليس للخليفة منه غير ما يكفيه معاشا قليلا. والخليفة يجب ان يتأسى في معاشه باضعف رعيته، حيث لا يجوز له ان يشبع من لذيذ الطعام وفي انحاء البلاد من لا طمع له بالقرص ولا عهد له بالشبع.
2_ يقول علي: "ان الله تعالى فرض على الاغنياء في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم. ولن يجهد الفقراء اذا جاعوا أو عروا إلا بما يصنع اغنياءهم. ألا وان الله يحاسبهم حسابا شديدا ويعذبهم عذابا أليما". كان لا يحب ان يترك الاغنياء أحرارا يتصرفون بأموالهم كما يشاؤون. ولو لم يشغله الخصوم في فتنهم المتوالية لربما حقق هذه المبادىء الاشتراكية في خلافته. ولعل الخصوم أحسوا بذلك فلم يمهلوه.
3_ وكان على يكره هاتيك الولائم التي اعتاد الناس على القيام بها. وقد لام أحد عماله لانه ذهب الى وليمة فقال له: "انك تجيب الى طعام قوم عائلهم مجفو وغنيهم مدعو". فكل وليمة يدعى اليها الاغنياء ويطرد منها الفقراء انما هي لئامة يجب على الناس ان يبتعدوا عنها.
4_ وكان علي يكره الكرم المألوف بين الناس، حيث يعطي السائل مالا وفيرا بينما يبقى المحتاجون الذين لا يسألون في فقر مقيم. اعطى معاوية ذات مرة مئة ناقة الى عجوز من بني كنانة كانت معروفة بتشيعها وذلاقة لسانها، وقال لها: "اما والله لو كان علي حيا ما أعطاك منها شيئا!" فقالت: "لا والله ولا وبرة من أموال المسلمين!".
5_ وكان علي يساوي في العطاء فلا يفضل عربيا على مولى ولا سيدا على عبد، ولا رئيسا على مرؤوس. وكان هذا من أوكد الاسباب في نفرة الرؤساء والاشراف منه والتحاقهم بمعاوية. وقد نصحه بعض أصحابه ان يعمل عمل معاوية في التمييز بين الناس في العطاء فقال: "أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور؟!".
6_ وكان علي يساوي في المعاملة بين الناس جميعا. وقد أحاط الموالي به حتى اشتكى بعض انصاره من ذلك فقالوا: "لقد غلبتنا هذه الحمراء عليك". وسار علي في العدل بينهم سيرة من يعلم انه لا فضل لعربي على أعجمي ولا لقرشي على حبشي إلا بالتقوى.
7_ وأمر علي في أول يوم بويع فيه ان تصادر جميع الاموال التي أخذت من بيت المال بغير حقها، وان تلغى جميع القطائع التي أعطيت لبعض الاثرياء في أيام عثمان. فكان يعتقد ان "المال مادة الشهوات". فالمؤمن اذا اغتنى ضعف رادعه الديني وحفزه الترف الى الاستكبار والطغيان.
8_ وكتب علي الى أحد عماله يقول له: "اما بعد فاستخلف على عملك وأخرج في طائفة من اصحابك حتى تمر بارض السواد كورة كورة فتسألهم عن عمالهم وتنظر في سيرتهم... واعمل بطاعة الله فيما ولاك منها...". وكان يوصي جباة الخراج ان يرفقوا بالناس ولا يعذبوهم عليه. فالعدل بين الناس أهم في نظره من كثرة الجباية. وكان يقول: "لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوى غير متعتع".
ان هذه المبادىء لم تكن جديدة في الاسلام. فجذورها موجودة في تعاليم محمد. ولكنها تجلت في خلافة علي أكثر مما تجلت في حياة النبي لان الدنيا قد تغيرت وكثر فيها المترفون والاثرياء على منوال لم يشهده المجتمع الاسلامي من قبل.هذه هي ما كان ينادي بها علي بن أبي طالب في العراق، اما معاوية في الشام فكان ينادي بمبادىء مقابلة. ولابد لكل حزب، مهما كان نوعه، ان ينادي بمبادىء خاصة به.
كان معاوية ينادي بما نسميه بـ "الحق الالهي" في الحكم. وهو في الواقع أول من نادى به في الاسلام. فالناس يجب ان يطيعوا حكمه لانه حكم الله المفترضة طاعته على العباد. وكل ما يفعله الحاكم صحيح لانه مستمد من أمر الله العلي العظيم. وقد استغل معاوية بعض الآيات والاحاديث وعاونه عليها جماعة من الكهان.الملاحظ ان هذه عقيدة كل دين سلطاني. وهي بالأحرى عقيدة الاقوياء المنتصرين في كل زمان ومكان.
انهم يستمدون قوتهم من الله في زعمهم. ولو لم يكونوا على حق لما نصرهم الله. ولذا فهم يطلبون من الناس ان يخضعوا لهم. ويشاهد في كل مجتمع تسوده شريعة القوة ان المبارزة هي مقياس الحق بين الافراد. فاذا اعترض أحدهم على قوي من الاقوياء دعاه الى المبارزة أو المصارعة. والناس يقفون متفرجين. فلا يكاد ينتصر أحدهما حتى يصافحه الناس ويعترفون له بالفضيلة.اما المستضعفون من الناس فلهم عقيدة أخرى، تلك انهم يؤمنون بان القوة لا تصلح مقياسا للحق، وان الباطل ينتصر في معظم الاحيان. والى هذا أشار عمار بن ياسر اثناء معركة صفين حين قال: "اما انهم سيضربوننا بأسيافهم حتى يرتاب المبطلون منكم فيقولون: لو لم يكونوا على حق ما ظهروا علينا. والله ما هم من الحق على ما يقذى عين ذباب. والله لو ضربونا بأسيافهم حتى يبلغونا سعفات هجر لعرفت أنا على حق وهم على باطل...".
لم يكد معاوية يموت حتى حدثت حادثة هزت المجتمع الاسلامي هزا عنيفا، تلك هي مأساة كربلاء التي قتل فيها الحسين بن علي. وهذه الحادثة انتجت آثاراً اجتماعية بالغة، قلما نجد لها مثيلا في التاريخ.كانت شهادة الحسين تتمة لشهادة أبيه العظيم وقد يصح ان نقول ان مأساة كربلاء اضافت الى مأساة الكوفة لونا جديدا. ولولاها لما أحس الناس بأهمية تلك المبادىء الاجتماعية التي نادى بها علي في حياته. فقد صبغ الحسين مبادىء أبيه بالدم وجعلها تتغلغل في اعماق القلوب تغلغلا عميقا.صارت مأساة كربلاء بمثابة الصرخة المدوية، حيث أخذ المسلمون يلهجون بها.
وقد شعر بنو أمية بالغلطة الكبرى التي تورطوا بها في مقتل الحسين، فحاولوا مداواة الجراح، ولكن محاولتهم جاءت بعد فوات الاوان.ومن مفارقات التاريخ ان تتخذ الدولة الاموية مقتل عثمان شعارا لها، ثم تأتي المعارضة بعد ذلك فتتخذ من مقتل الحسين شعارا مضادا. وصار التاريخ الاسلامي يتأرجح بين هذين المقتلين زمنا. فكان كل فريق يبالغ في تصوير شعاره وفي اذاعته بين الناس. أحدهما يبكي على عثمان والاخر يبكي على الحسين.
يصح ان نقول ان هذا البكاء المتبادل ليس إلا صورة من صور ذلك النزاع الخالد بين الحاكم والمحكوم.
يجب ان لا ننسى ان الحسين ويزيد يتنازعان الحياة في كل زمان ومكان. فهما رمز التدافع الاجتماعي، ولن يخمد لهذا التدافع أوار.لقد بعث محمد في العالم تدافعا اجتماعيا حرك الاذهان وأنمى الحضارة. وكان المجتمع الاسلامي في أول أمره كالمرجل يغلي فتنبعث منه الافكار الجديدة والحركة الدافقة. ولكن السلاطين أخمدوا انفاسه وخدروا عقول الناس بالمواعظ الرنانة التي من شأنها تبرير عمل الحاكم ووضع اللوم على المحكوم
.نحمد الله اننا نعيش في عصر جديد، حيث نزلت الدولة من عليائها وازيح عنها ستار "الحق الالهي" المقدس، وأصبحنا ننظر الى الحكام كما ننظر الى الخدام الذين يستأجرهم الناس في رعاية شؤونهم.
______

الكاتب : علي
منتدى شيعة الكويت *
______
أهرامات الجيزة تمثل احدى عبقريات البناء الإنساني ، يرى البعض فيها صخورًا و الآخر قبورًا و الثالث تحفًا معمارية ، أنا أرى فيها سيرة الحياة ، تبدأ فارغة في المنتصف و تصل في النهاية إلى سد هذا الفراغ برأس دقيق يمثل القدرة المختزلة لكل هذه الاحجار التي وضعت تدريجيًا حتى وصلت للقمة ، و بعد القمة تبدأ بذلك النزول إلى أن تصل إلى الفراغ الأكبر في القاعدة بنفس الوتيرة .
الآن [1] تمر ذكرى 48 سنة على الإستقلال و هذه فترة بأعمار الدول بل و حتى الإنسان تعتبر قصيرة نسبيًا و لكنها قياسًا بالكويت اليوم تعد إشارة لكل نظريات الهِرم التي صاغها علماء الإجتماع ، قبل سنة او بالتحديد سنة و شهرين من الآن احتفلت مجلة العربي بمرور 50 سنة على إصدارها ، صحيح أنها بدات بالصدور قبل الإستقلال التام و لكنها واكبت و زاملت تلك الأيام ، كم كنت أتمنى لو قامت الحكومة أو طالبها أعضاء مجلس الأمة بتوزيع ذلك العدد على كل بيت في الكويت بالمجان حتى يقرأ الشعب ذكريات الكتاب و الأدباء و المثقفين الذين قاموا ببناء صرحها و أشادوه في صورة تمثل أبلغ الكمالات لعنفوان الدولة الناهضة و أنا اجزم صادقًا أنه لن يضع أحدهم المجلة إلا و الكمد و الحسرة تقطع أنفاسه على ما يراه الآن من نقيض هذا العنفوان من شيخوخة مبكرة .
سار المجتمع الكويتي بخط تطوري صعد تدريجيًا و لكنه استعجل نهاية السباق فوصل قمته مع اعلان الاستقلال و صياغة الدستور المدني الذي كفل الحريات في وسط مجتمعات لم تزل متدنية في مستوى استيعابها لهذه الوقائع و الاحداث ، و لكن كما يبدو كان هذا التطور مجرد اقتباس سابق لأوانه من الدول الحديثة ، كان تطورًا فكريًا ' نخبويًا ' تناسى في غمرة صراعه أن المجتمع في عاداته و اعتقاداته لا زال متأخرًا عن استيعابه لهذه الامور بشكلها الكامل ، لو أخذت رجلاً من القرون الوسطى في عصور الإقطاع و اتيت به في خضم هذا العالم الحديث ذو الحقوق و الواجبات المدنية و الحريات فإن هذا الشخص لن يمانع هذه الحرية التي وصل لها و لكنه لن يتنازل عن قيم الاقطاع التي وقع تحت تأثيرها في تعامله مع باقي الناس ، اختلافه سيظهر جليًا و إن ادعى رضاه بالديمقراطية و المدنية و ما فيها و لن يمانع أبدًا من العودة لما كان عليه ، و لكن لو عكست الحال و اتيت برجل من هذا العصر و وضعته في عصور الإقطاع فلن يستطيع التعايش أبدًا ، اختلاف المعيشة و تطور الفكر الذي حصل نتيجة مخاض عسير من الصراعات و الحروب عند الإنسان الحديث سيما في أوروبا و الغرب أولد قيما تعد كالأرقام الثابتة في الرياضيات غير قابلة للتنازل عنها او تغييرها و منها الحرية و الديمقراطية .
يتحدث د. علي الوردي عن هذه الأزمة : « من طبيعة القيم الإجتماعية التي تسود الناس فترة طويلة من الزمن أنها لا تتغير بنفس السرعة التي تتغير بها ظروفهم » ، و أطلق على هذه الظاهرة في علم الإجتماع اسم (التناشز الإجتماعي) ، لم يكن المجتمع الكويتي سوى قرية صغيرة تغلق أسوارها بعد صلاة العشاء يتجمع تجارها في جبلة و الكادحين من سكانها مختنقون في فرجان شرق و الأواسط ما بين هاتين المنطقتين متوزعون ، و هذا هو الخطأ الاول حين تم الإتيان بفكر مدني بكل ما يحمله من مفردات المساواة و الحريات ليتم تطبيقه في مجتمع لازال يؤمن بفوقية التاجر الذي يأكل اللحم و دونية من أدامهم لا يتعدى المموش و السمك ، مجتمع يهاب الفداوي و خيزرانته و يعيش في كانتونات مقسمة تدور بين التجار و السلطة الحاكمة مداولات الديرة و يبات الشعب باحثا عن "نوخذة" يكفلهم [2]، لم تكن هذه المدنية القادمة متناسقة مع قدرة المجتمع على تقبلها ، لم يستطع 'الكبار' ان يهضموا هذا التغير الذي يزيحهم من بروجهم و يساويهم بعامة الشعب في كسر لا يجبر لقيم عشائرية سادت طويلاً ، لذلك بمجرد ذهاب سكرة هذا الإنطلاق بدأت الألاعيب تمارس لإعادة الأمور كما كانت عليه سابقًا و قد نجحت للأسف في كثير من الأمور و كم من قانون معطل و مادة دستورية دفنها الغبار لازالت موجودة إلى اليوم دون تطبيق حفاظاً على بعض الفروق كرامةً لأولئك.
و لكن هذا كله كان بالإمكان التغلب عليه بمرور الزمن و بالحفاظ على سير عملية التطبيق على علاتها لانها في النهاية ستولد قيمًا جديدة ، في الوقت الذي وقف فيه بعض النواب و ذهبوا لتقبيل 'خشوم' الوزراء من الأسرة في الستينات عندما دخلوا قاعة البرلمان ، وقف هؤلاء النواب مع الشعب في موقف المطالبة و المعارضة لإرجاع الديمقراطية في الثمانينات و هذا مؤشر على التحول و تغير القيم نتيجة التطور الذي طال فكر المجتمع و لو أنه كان تطورًا بسيطًا في ظاهره ، و يؤكد ذلك حين حديثه عن هذا التناشز د. علي الوردي و يستشهد بأسلوب الملك فيصل في العراق الذي عمد إلى التثقيف التدريجي للشعب بدأه في المدن و استطاع أن يحقق نجاحًا كبيرًا و لكن قيم السلطة العشائرية التي أصبحت لعبة تجيدها القوى السياسية لتنفيذ مخططاتها المرسومة لها استطاعت إزاحته ليعيد صدام في النهاية الكرة إلى ملعبها الأول [3].
ما مرت به الكويت كان عنفوانًا سريعًا أوصلها إلى شيخوخة مبكرة ، كان تطورًا مستعجلاً لم يستطع أن يحافظ على ثباته فوصل لخط النهاية قبل أوانه كما يقول الإنجليز : ما يأتي سريعًا يذهبُ سريعًا ، و هذه من طبيعة الأشياء أنها متى ما وصلت إلى القمة بدأت بالانحدار بنفس السرعة التي وصلت بها و لكن عجلة التسارع زادت بسبب الغزو الذي دق المسمار الأخير في النعش لمّا بات الكويتي ' كويتيًا ' ليصحَ على صوت عبد الحكيم زعلان و هو ينادي أبناء المحافظة التاسعة عشر ، أصبح الهمَّ اليوم عند الكثيرين هو ضمان مستقبلهم لأن شعورهم بوجود الدولة أصبح منعدمًا ، فالموجود الآن هو هيكل دولة أو بالأحرى أطلال دولة الكل يبحث فيها صيدٍ يعشي به أطفاله ، و إن لم تكن الفكرة ظاهرة على محياهم إلا أنها مغروسة في وجدانهم و باطنهم ، لم تعد مشكلة الموازنة بين القيم هي علاج شيخوخة الدولة و لكن مشكلة إيجاد معنى الوطن و الدولة في النفوس قبل كل شيء ، الكثيرون ارتكبوا جرائهم حين غابت الدولة في الغزو ظنًا منهم بانها لن تعود و لكنهم تمادوا حين رؤوها عادت و لكن بجنحان منكسرة يُبّرء السارق فيها و يتباكى السهران في كازينوهات الهرم على صيامه الذي يضطر لابطاله من شدة عطشه نظرًا لعلو صوته في دفاعه عن حقوق الشعب (!) و ينصب مدعي الدين فيها وصيًا على الشعب و هو يبيع الخمور ، و الآخر ينتخب نفس عضوًا في مجلس يمثل دولة يعتبر أن عيدها الوطني " يومًا وثنيًا " و أن عَلَمها لا يستحق حتى الإحترام و لم يعمد أحد إلى جبر هذه الكسور .. حينها لا نلومُ الشعب الضايع بالطوشه على حالة الضياع التي يعيشها بل قد نجد لهذه الحالة تبريرًا !
بعد 48 سنة على الإستقلال و 18 سنة على التحرير آن الاوان لان يتم تقييم الامور بدلاً من تغطيتها بأقنعة الكلمات ، لم تعد الشعارات و الأشعار و الدعوات الوطنية الخالية كافية لان تغطي عورة المستوى الذي وصلنا له عطفًا على البداية التي بداناها و قادت الكويت إلى أن تصبح درة الخليج في زمنٍ قصير انتهى .الأعياد الوطنية ليست مجرد أيام يُحتفل بها و تُذاع بها الأغاني ، بل هي أيام يستذكر بها مسيرة الدول ، لا يعني أن لا نفرح بها و لكن تعني أن لا نلجأ لهذه الإحتفالات حتى نخفي التصدع الحاصل تحت رغوات علب الصابون .


و الحديثُ ذو شجون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] استقلال الكويت الفعلي كان في 19/6/1961 ، و لكن تكريمًا للامير الراحل الشيخ عبد الله السالم تم اختيار يوم إمارته عيدًا وطنيًا للشعب لأنه أبو الاستقلال و الدستور .
[2] قبل مدة نشرت القبس وثيقة تاريخية يحصل فيها ( بن هويدي ) على براءته من ( النوخذة ) ، لتكون صك نجاته !شاهد الوثيقة :
اضغط هنا .
[3] الواقع أن الكويت نتيجة لهذا التناشز الإجتماعي و ما ترتب عليه من صراع سياسي واضح في نهاية الستينات و السبعينات و ما ترتب عليه من سياسة التجنيس و غيرها أصابتها ردة حضاريّة واضحة ، من طبيعة المجتمعات البشرية أنها بحسب ما يقوله ابن خلدون تعاني صراعا ما بين البداوة و الحضارة و هذا الصراع يستلزم في احدى مراحله أن تُصاب المجتمعات بحالة من التفسخ و الإنحلال الأخلاقي و لا أظن أن ما يحدث الآن يخرج من هذه الدائرة و العياذ بالله .

_____

* المصدر

الكاتب : mercury

شبكة هجر الثقافية *

______

  • على المستوى الادبي
تذكرت مشهداً حصل قبل خمس سنوات خلال ممارسة احد الطقوس الخطيرة في تسلق احد الاماكن الشاهقة .
تركني المعلم اقرر ماكنت اريد المتابعة او لا ..قررت المضي لاثبت شجاعتي وجرأتي .واثناء الصعود هبت عاصفة قوتها غير معهودة ... وفجأة توقفت الريح وهبط معلمي برشاقة غريبة ودعاني ان افعل مثله ...وصلت الى الاسفل وساقاي ترتجفان ..
قال لي : انا الذي جعل الريح تهب
قلت : لقتلي ؟
- بل لانقاذك ! فانت غير قادر على تسلق هذا الجبل وعندما سالتك عن رغبتك في الصعود كنت اختبر حكمتك لا قوتك .
ثم اضاف المعلم لم اختلقت امراً لم اوحِ لك به .فلو كنت تتقن التسلق لما كانت هناك مشكلة لكنك اردت ان تكون شجاعا في الوقت الذي كان الوقت يتطلب ذكاءً لا شجاعة . رواية حاج كومبوستيلا - باولو كويلو
  • على المستوى العسكري
ليس هناك استراتيجية عسكرية افضل من غيرها وتصلح لكل الاوضاع . كتاب علم فن الحرب - منير شفيق
  • تعريف
قرأت في احد تعاريف الحكمة بانها : وضع الشيء في مكانه !
ولا بأس بهذا التعريف فهو يشتمل على : فعل , والفعل بالضرورة يشتمل على زمن وعلى اسلوب .. بعبارة اخرى فعل الشيء الذي ينبغي في الوقت والشكل الذي ينبغي اذن الحكمة هو مبدأ حل المشكلات بكافة اشكالها ومراتبها ودعوني اخبركم بقصة اب رأى اعجاب ابنه الصغير بالتدخين والمدخنين لان اعمامه يقومون بذلك فماذا عليه ان يفعل هذا الاب ؟ كيف يثبت له بأن التدخين مضر ؟ وان اعمامه - قدوته - على خطأ ؟
ما قام به الاب يستحق التقدير فعلا فهو قال لابنه: يا بني ! اعلم انك تود التدخين وانا موافق على ذلك
الولد ( باندهاش ) : حقا يا ابي ؟؟
الأب: بالتأكيد لكن لدي شرط صغير
الولد : وماهو يا ابي؟
الأب : ستأخذ الآن مني سجارة وتشعلها وتسحب الدخان بكل ما أوتيت من القوة !
الأب اعطى السجارة لابنه و اشعلها .. سحب الولد الدخان بكل قوته وشعر باختناق رهيب ووابل من " الكحة " !
قال الولد لابيه وقد دمعت عيناه من فرط " الكحة " ! : ابي !
انها سيئة جدا جدا لماذا اعمامي يدخنون ؟؟
فقال الاب بطمئنينة : لان اعمامك حمير يا ابني فهل تود ان تكون حمارا ؟!
الان دعونا نتخيل عائلة اخرى بنفس المشكلة بان الولد الصغير يريد التدخين وتصور بان الاب قد انهال على ابنه بالضرب فماذا سيحدث ؟ ستتدخل الام وهي باكية : هد الولد حرام عليييييك
سيتألم الولد الذي يشعر بأن اباه رجل ظالم وسيتمرد شيئا فشيء ويحتقر والديه وسوف يدخن غصبا عليهم !
هكذا اراد الوالد ان يجعل ابنه يتجنب التدخين ولكن ما فعله هو تحريض الابن على التمرد والعقوق واحتقار والده !
  • على المستوى الدراسي
ايام المدرسة .. كنت ألاحظ صنفين من المدرسين استاذ يدخل الفصل وبيده عصى طــويــلــة ويقول للطلبة : اسمعوني يا بهايم !
قسما عزما ( عظماً ) الي بيتنفس بتكون امو داعية علييية !
هذا الصنف " العنيف " من الاساتذة يصطدم في كثير من الاحيان بطلبة يعشقون " العناد " او طلبة لدى ابائهم سلطة مالية او غيرها فتخيلوا حين يهان هذا الطالب ويركض الى ابويه وتُسلم الشكوى الى الادارة !
ويلاحظ الطلبة التغير المفاجأ في سلوك الاستاذ العنيف الى استاذ متردد !
= سقوط الهيبة كسقوط البنطلون الواسع من خاصرة شاب نحيل ..ولازلت اذكر استاذة اللغة العربية حين ضربت احدى التمليذات لانها تكلمت في الحصة وكانت المفاجأة ان تنزف يد هذه الفتاة !
صار الموقف تراجيديا جدا .. طالبة تبكي لان الاستاذة مزقت يداها .. وكان الحظ قد تحالف مع الاستاذة والفتاة لم تفكر في تقديم شكوى .. ( عاد حسافة كنت اكره هل استاذة ! )
الصنف الثاني هو صنف الوديع المسالم الذي يعامل جميع الطلبة بالين واللطف .. فما نصيبه الا التمرد وقلة الادب والى الان اتذكر استاذ في لغة العربية وكان من هذا الصنف .. واظن والله اعلم لو كنا محاسبون على شغبنا معه فحتى الحج لن يغفر موبقاتنا وجرائمنا فيما فعلنا في هذا المسكين !
مشكلة هذه النماذج انها تفتقر الى الحكمة بل نمطها في التفكير هو نمط " جمود " .. نمط يفتقر الى المرونة في علاج المشكلات
  • على مستوى العلاقات الزوجية
هناك عبارة يتداولها النساء : الريال تمشيه الكلمة الحلوة !
احداهن كان زوجها ( سكير ) لا يُعرف الا برائحته النتنة وكان يضربها دوما .. فكيف عالجت هذه المشكلة ؟
تراه فتقول له حبيبي ! حياتي !( كوميديا سوداء )
  • على مستوى القراءات المذهبية / الوهابية
لوهابية لا زالوا الى الان يفتخرون بتحليلهم السقيم , هو عن صلح الامام الحسن وخروج الامام الحسين الوهابي بهذا الاشكال تجاوز مبدأ عقلي مهم يستخدمه كل حكيم في العالم : هو عدم عزل الظاهرة والواحدة عن مجموع الظواهر المحيطة بها !
مثال بسيط : فالنفرض انت مدير في احد المراكز , وتأخر لديك موظف لخلل تقني اصيب بسيارته فهل من الحكمة والعدالة ان تخصم عليه الراتب , بحجة انه تاخر على مجيء !
تذكرت احد المسؤولين الذين لا يغفرون لتاخر موظفيهم الا في حال وجود " مرضية " , وصادف بان احد الموظفين قد تعطلت سيارته وتاخر عن المجيءفاقترح المسؤول وصفته السحرية : يا اخي سيارتك خربانة جيب مرضية
فاتى الموظف المسكين يخبرني : عمرك شفت ميكانيكي يعطي مرضية للسيارات ؟!
  • على مستوى القراءات المذهبية / الشيعة
الامر لا يقف عند الوهابية فقد بل يمتد الى بعض الشيعة الذين " يجلطونك " بتحليلاتهم الغريبة العجيبة !
فيأتي اليك احدهم ويقول لك بكل ثقة :يا اخي اخرس ! مالك ومال ظلامة الزهراء ؟؟
لو الامام علي لم يحاربهم حتى يحافظ على الوحدة الاسلامية , تاتي انت وتخالف الامام علي ؟!
ويأتي الاخر ويرحب مثلا باطروحات احمد الكاتب لانه يحب التطور ! واي شيء يطلق عليه تطور فهو يصفق له يُشكك بزيارة عاشوراء ويقفز فرحا كفتاة الكل يعرف بعهرها وجاء من يطلب الزواج منها !
سفيه ينتقد فقيه يقول لك يا اخي فالنتطور ! .. قشريتهم رهيبة تجعل المستشفيات تضج بذوي الالباب من جلطات " المخ "
  • على المستوى الوظيفي
احد المدراء سجل احد الموظفين غياب وهو موجود ويعود السبب في ذلك الى محاولة قرص هذا الموظف لانه انطوائي والمدير لا يعجبه هذا السلوك مع العلم ان هذا التغيب لا يأثر على الراتب ولا على التقييم الوظيفي هو محض ورقة رمزية ومع العلم ايضا هذا المدير كثيرا ما يراعي ظروف الموظفين في حال رغبتهم بالخرج من العمل لاتمام بعض الاشياء الملحة.
احد الذين سمعوا عن هذا الموقف قال : لو كنت في مكان الموظف لضربت المدير بشكل يقشعر له الابدان
سألته لماذا ؟
قال الكرامة يا اخي !
قلت له الكرامة لا تستخدم هنا فضرب المدير سيبب مشاكل اكبر وتطرد من وظيفتك وتجوع عائلتك و و وردة فعل العنيفة فالتكن على شيء يستحق التنازل عن الوظيفة مثل ان يقوم المدير بشتم احد المعصومين !
  • على مستوى الدعوة
تصور ان يأتي اليك احدهم و يستدل عليك في بطلان عقيدتك ولا تستجيب له فما يكون منه الا ان يمسك مقدساتك ويهينها ( تخيل شخص يحرق القرآن امامك ! ) هذا الاسلوب فعله نبي الله ابراهيم عليه السلام حين كسر مقدسات القوم و استهزأ بها لانه ببساطة وجد ان في رؤوس قومه قد صب به " الاسمنت " صبا !
فكان هذا الاسلوب هو الاسلوب المعقول مع اللامعقول الذي يمارسه قومه !
.
الأيدولوجية والحكمة
.
الان نصل الى الجزء الثاني من الموضوع الايدولوجية و المتأدلج ونضرب مثال على الصراع الاسلامي الليبرالي في الكويت حين تسأل الليبرالي من هو ادم سميث ؟ يقول لك هذا يصير حق الممثل الامريكي ويل سميث ؟!
تسأل الاسلامي منهم : حدثنا عن علم التوحيد ؟
يقول لا اله الا الله !
الليبرالي الاسلامي في الغالب تكون نزاعتها عن هيفاء وهبي والمراة العارية والمحتمشة كلاهما يغوص في هذا الجدال والغريب ان كلامها يتهم الاخر بالتخلف وتناسي القضايا الاولوية المشكلة ليست دائما في الايدلوجية بل غالبا ماتكون في ذلك المتأدلج التي يفتقر الى الحكمة !فالسيد حسن نصرالله نجاحه لا يعد بالدرجة الاولى الى انه عربي او شيعي او من حزب ولاية الفقية بل نجاحه ونجاح الكادر في ا لحزب يعود الى الحكمه والابداع يعود الى انه يعرف وضع الاشياء في محلها وفعل الشيء بالوقت والاسلوب الذي ينبغي لديه القدرة على الخطابة وتوظيف الاعلام والحرب النفسية ..كان حزب الله دائما ما يدعي ان اسلوبه في علاج المشكلات مع الاطراف اللبنانية هو باسلوب سلمي وحواري ودبلوماسي.
لكن ما الذي حدث حين تم مس خطوط الاتصالات لدى الحزب ؟
اشهار السلاح واقتحام معاقل واغلاق قناة المستقبل وشيء يدعوا الى الهلع والفزع !
وادعى الكثير من المنحطين بان سلوك حزب الله متناقض مع دعاويه ! يا لحجم المغالطة !
فدعوى الحوار السلمي هو مبني على افتراض سلمية الاطراف المتنازعة لا حين يتم اعلان الحرب و " التمادي " على شرايين الحزب !
فحين تختلف المعطيات الحكيم وحده يستطيع تحليلها وتشخيصها واختيار القرار المناسب بالوقت المناسب بالاسلوب المناسب !
اللهم ارزقنا الحكمة والحكماء ولا تسلط علينا الـ ..
وشكرا
_____

الكاتب : mercury
شبكة هجر الثقافية *
_____
آه يا ابنائي !
ها انا جدكم ميركوري على فراش الاحتضار وانتم لازلتم في الحضانةكم كنت اريد ان اخبركم عن تجربتي في الحياة ولكن الموت دنى وها انا اسمع حفحفة اجنحة عزرائيل كنت اريدكم ان تصلوا الى مرحلة المراهقة لاخبركم عن مغامراتي مع الفتيات ولله الحمد انكم لم تصلوا الى هذه المرحلة , فعلاقتي بالفتيات كانت تشبه علاقة عائشة بنت ابي بكر بمتحف اللوفر .. بمعنى نقيض فالمتحف يرمز للجمال وعائشة كانت مشروع لسحق كل شيء جميل في هذا الوجود طبعا تظنون بان جدكم قد اخطأ بالتعبير ؟!
او انني اهجر ؟! لا !
بل هذه هي حقيقتها واعلم اليوم كم صار التلفظ بهذه الحقيقة من اكبر الكبائر ويكفي ان تقولها حتى تنهال ضدك الفتاوي ممن تراهم فقهاء هذا العصر .لقد خبأت لكم نسخ غير محرفة من امهات كتب التاريخ والعقائد التي حرفت اليوم وصار التفكير في نشرها ضرب من الحتف !ابنائي يقول الله في كتابه الكريم : أفحسبتم إنا خلقناكم عبثاً و أنكم إلينا لا ترجعون؟
الموت نهايتكم وما الدنيا الا محطة قذرة يجب ان توسخوا بها اقدامكم فتذكروا ذلك وانتم تدفنوني ابنائي ليس هناك وقت كافي لاخبركم عن حبي لكم وعن شقائي في الدنيا وما رايته من اهوال فقر..مرض ..شر ..فراق ..دموع ..باطل ..ولكن كل هذه المآسي اراها اليوم من نافذة الشيب , وما هي الا فقعات حقيرة تبثها الدنيا وهي تنفخ في مزامير الاغراء وما الاغراء الا كسرابٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً .دعوني اخبركم بشيء واحد فقط وهو خلاصة كل حياتي المتعبة شيء واحد فقط وهو ليس المال ولا التعايش السلمي ولا اللطم الحضاري هو بكل بساطة شيء يسمى " الحقيقة " وهي غالية جدا لذلك كل ما هو أليم تفرز من هذه الكلمة "الحقيقة " !تذكروا هذه الكلمة فهي خلاصكم يا ابنائي ان الانسان من دونها انسان يحيى حياة العبث واللامعنى والانحطاط حتى يصبح كالانعام بل اضل سبيلا !
سأخبركم عن الحقيقة :
1 - القبر الذي تعتقدون انه قبر فاطمة الزهراء فهو قبر وهمي , والذين تراهم في الحوزات ممن يطلقون على انفسهم لقب اية الله العظمى ويتبعهم الهمج الرعاع كلهم من اهل الدنيا وكل تصريحاتهم في تثبيت هذا القبر كذبة كبيرة وان ربك لبالمرصاد
2 - المؤسسة الدينية الشيعية التي لها فروع في كل العالم واخذت على عاتقها الافتاء والسلطة الدينية هم مؤسسة هدفها تدمير التشيع ولكن بوجوه شيعية !هل تذكرون الشيخ فلان الاحسائي الذي اتهم باللواط على صفحات جريدة تلك المؤسسة اللعينة ؟
هل تذكرون السيد فلان النجفي كيف ادخل الى السجن ؟هل تذكرون الميرزا فلان الفلاني كيف تم ضربه وهو يؤم المصلين بذريعة النهي عن المنكر ؟
تأملواكل هذه الحوادث وتأملوا تلك المؤسسة اللعينة التي صار مجرد نقدها هو الوقوف ضد الله والامام المهدي !
سترون بالكتب التي خبأتها لكم , كتب تخص علم الرجال وتسجدون فصول كاملة عن " الوكلاء المذمومين " هل تعرفون لماذا حذفت اليوم ؟
ببساطة لان ارباب تلك المؤسسة فهموا لماذا الائمة نصبوا هؤلاء كوكلاء ثم عزلوهم حتى يقولوا للناس : لا تنخدعوا بالمظاهر !
لا تنخدعوا بالعمامة الكبيرة والمؤلفات العديدة واعرفوا الحق
...ابنائي
القصة بدأت منذ خلق الله النور الاول , وصُعد بابليس الى السماء يحل الدمار لبني جنسه ظن ابليس حينها بان الله سيستخلفه في الوجود لكن الصدمة لم تكن هينة حين أُمر بالسجود لكتلة من الطين اسمه آدم !وفعلا يا ابنائي النار افضل من الطين ولكن العبرة لم تكن في الطين بل كانت بالنور الذي وضع في الطين حتى ينزل الى الارض انه النور الذي خلق العالم لاجله , نور الذي خلق العالم منه ولاجله نور محمد وآل محمد يقول تعالى : وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين - قالو سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم - قال يا ادم انبئهم باسمائهم فلما انبأهم باسمائهم قال ألم اقل لكم اني اعلم غيب المساوات والارض ...
تأملوا يا ابنائي : عرضهم - هؤلاء - اسمائهم بدأ الــــصــــراع من يومها وخدع آدم واكل التفاحة حين اقسم له ابليس , قابيل قتل هابيلاتعرفون يا ابنائي ماهو الشيء العظيم في هذه القصة ؟هي ان الانسان حر الارادة يدرك بعقله القبيح والحسن لا كما ارادت النظريات الغربية ان توهمنا بأن البيئة هي المتسلطة على سلوك الانسان هذه القصة من ملايين القصص في ديني الذي جاء لي عن طريق اهل البيت عن طريق الله وانظر كيف تُغيّر حين تتأملها تفكير الانسان في قضايا تخص القانون والسلوك والطبيعة خاض كل الانبياء الصراع المرير لاجل الحقيقة لئلا يزول الحق عن مقره ويغلب الباطل على اهله ( عبارة من دعاء الندبة ) جدكم ميركوري في هذه اللحظات يعيش حالة نوحية من الايمان المخلوط بالحزن وهو يدرك بقدوم الطوفان الذي سيبتلع قومي , وماهذه الكلمات الا بذور الاشجار التي زعرها نوح واستهزأ به قومه وهي يزرعها بجوف الصحراء ..
بالكلمة يا ابنائي خلق الكون وبالكلمة يا ابنائي يوسوس الشيطان وبالكلام ظهر الانبياء والادعياء هناك حقائق تنتظركم بالكتب التي خباتها لكم عن كل التنظيمات التي ظهرت لتضرب اهل البيت بدرجات واشكال متفاوتة ساتكلم عن تاريخ الحقيقة في عصري واعلموا يا ابنائي ان الحقيقة تفر من الجبناء فالجُبن لا يأتي الا من حب الدنيا وحب الدنيا لا يأتي الا من قلة الايمان واعلموا يا ابنائي بانكم لو رأيتم البنادق فانها اشارة عن انتاج حقيقة مزيفة دائما الزيف يظهر من البندقية باسم الحقيقة في عصري رايت كيف اصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا والبيب تكفيه الاشارة ظهرت امرأة تدعى "فاطمة محمد "من بين من زوايا الحوزات لتقول للعالم بأن لها الحق ان تطرح مرجعيتها , بعد ان ملات منزلها بشهادات الدكتوراة الفخرية زحف نحوها الاسطول الاعلامي ملمعا مصفقا ,وتبعه بعد ذلك الهمج الرعاع من الليبرالين الذين اعتبروا فاطمة المتنفس الوحيد لموقفهم المستنكر من الدين او ( فهم الدين كما يدعون ) وايضا لف حولها مجموعة ممن يدعون التشيع بعد ان شاهدوا انفتاح فقيهتهم وسهولة احكامها الفقية فاطمة اصبحت حالة استقطاب لكل ما هو تافه ممن يدعون الصلة لعقيدتي ومن اقولها :
- الزهراء ماتت راضية على الشيخين بدليل بأن الزهراء كان قلبها متجه لله فقط ولا تحمل الاحقاد في قلبها الطاهر !
- الحجاب ليس واجباً بل هو محض غطاء
- لا مانع من ارتداء المرآة الملابس الضيقة فهذا الامر يضغط على الشباب للاستعجال على الزواج وهذا الامر يتم بتطبيق قوانين سياسية صارمة على من لا ينتهج الزواج بل الزنا والخ - الزواج المتعة حرام بسبب اهدار كرامة المرأة ( ولهذه الفتوى قصة سأخبرها لكم )
- اللطم حرام والمطبر يستحق الضرب وحبسه بالسجون والبكاء حالة قبيحة لانها احد مظاهر الضعف فما فائدة ثورة الحسين ما دام هؤلاء يشوهونها؟
- الزواج من الاربعة غير مباح الا بشروط خاصة
- الرقص والموسيقا حلال لانه من الفن والفن جميل والله جميل يحب الجمال !اما قصتها مع زواج المتعة فالامر ببساطة ان احدهم خدعها وقال لها زواج الدائم امر محسوم ولكن دعيني اجرب معكِ المؤقت حتى لحظة تأثيث الشقة .. وبعد ان قام بفعلته فر هاربا وعاشت فاطمة عقدة جنسية اوصلتها لحد مشارف السحاق !
علمائنا انا ذا ناقشوها وكانت كالحرباء في كل كل جولة وبعد مضي سنوات افتوا بضلالهاولكن فاطمة في حينها اصبحت باموال فاحشة واعلام اسطوري وفي كل صلاة للجمعة تشتم امريكاو اسرائيل وتدعم ببعض اموالها حركات المقاومة المسلحة والهيئات الخيرية .. وما اشد الجهل عند بعضنا !
وما اسهل التهم التي قذفت على علمائنا من انهم صناعة امريكية اسرائيلية تطورت الاحداث واصبح فريق " الرافض "لهذا الخط المنحرف هو الخط السلفي وقسموا السلفية بعد ذلك الى سلفية كلاسيكية وسلفية حديثة وفي كل مرة يضعف هذا التيار بسبب الضغط الاعلام والسلطوي وشيئا فشيء أسست فاطمة لعنها اللهمؤسسة الافتاء الشيعي لتحكم سلطتها حتى على الحوزات تي غيروا مناهج التعليم فيهافدروس الـNLP صار عليها التركيز اكثر من اصول الفقة !ودروس علم الطاقة صار بديلا عن علم الرجال !فهل يُعقل يا ابنائي بعد ان كان علمائنا مصدر العز والافتخار صرنا نراهم يرقصون البريك دانس و البالية ؟!هل يُعقل ان تتحول الاطوار الحسينية الى اطوار موسيقا الراب والهيب هوب ؟هكذا انحرفت الامة بجلها وبموقنا السلبي من المضلين من ضعفنا من خوفنا وجبننا انتم املي يا ابنائي اذا لم تستطيعوا اضاءة العالم فكونوا شموعاً يٌهتدى فيكم بالظلمات الكتب مدوفنة تحت السريروانا ادفنوني في اي مكان الا المقبرة الكرية التي تسمى مقبرة الوحدة الاسلاميةحفيدي احمد كن شجاعاحفيدي يزيد كن هاديا حفيدي عمر كن محبا للخيروقولوا لابوكم ان يسمي ابنه القادم " شمر " لتكتمل العدة الاسلامية !ولا حول ولا قوة الا بالله.
ميركوري الذي سيموت بعد قليل
2 - 12 - 2222ميلادي
______

الكاتب : د. نصر حامد أبو زيد
جريدة المصري اليوم*
_______

لا يستطيع الإنسان أن يظل صامتاً إزاء خطاب الليبراليين «العقلاء» في تحليل ما يحدث مما تقوم به إسرائيل من تدمير وقتل وتخريب وهدم لمجتمع كامل اسمه «لبنان»، كان في وقت من الأوقات قبلة هؤلاء الليبراليين ومرتعاً لممارسة أهوائهم العقلية، حين كان لبنان بحق «هايد بارك العرب». هؤلاء العقلانيون لا يرون، أو بالأحري لا يريدون أن يروا، إلا «جريمة حزب الله» الذي مارس حقه الطبيعي باختطاف جنود إسرائيليين من أجل مبادلة الأسري اللبنانيين الذين طال مكوثهم في سجون إسرائيل، رغم انسحابها الإجباري من أرض لبنان عام ٢٠٠٠. وهؤلاء العقلانيون أنفسم أصابهم «هَوَس» جماعي حين قرر الإخوان المسلمون - في مصر والأردن وغيرهما من بلاد العرب - أن يتحولوا إلي حزب سياسي ويخوضوا لعبة «الديمقراطية» بحسب قواعدها المتاحة في ظل القوانين الاستثنائية وتقييد الحريات وحالة الطوارئ. تحول الهوس إلي «عصاب» بحصول الإخوان علي ٨٨ مقعداً في المجلس، رغم البلطجة والتزوير... إلخ.
في فلسطين المحتلة قررت «حماس» الانضمام إلي طابور «الديمقراطيين»، فحصدت أغلبية أصوات الفلسطينيين، ومرة أخري أصابت لعنة «الهوس العصابي» جموع الليبراليين العقلانيين، فما هكذا تكون الديمقراطية، وما هكذا يجب أن تكون. الليبراليون العقلانيون في بلادنا يريدون الديمقراطية «التفصيل»، أو بالأحري يريدون «ديمقراطية» تأتي بهم إلي السلطة دون أن يتجشموا عناء النزول إلي مستوي «العامة» أو «الرعاع» - أو بلغة أرقي «رجل الشارع» - والاختلاط بهم وتفهم أوضاعهم، والوصول إلي مكوناتهم الذهنية والثقافية والتعامل معها.
الليبرالي العقلاني العربي ابن البرجوازية التي تحتضر، أو التي ماتت، يحاول أن يتسلق سلم «العولمة» الاقتصادي والثقافي، فيتبرأ من تاريخه الحديث كله: حركة عُرابي كانت حركة شعبوية أدت إلي احتلال مصر، كانت الناصرية مغامرة أدت إلي الهزيمة، حزب الله يعيد حكم آيات الله ويخدم المصالح الإيرانية، ويورط لبنان في مستنقع الدمار، وحماس سببت الجوع والدمار للشعب الفلسطيني.في هذا الخطاب العقلاني الليبرالي الذي يتبرأ من تاريخه ويغسل يديه من عار «المقاومة» - أي مقاومة - تتمتع أمريكا وإسرائيل بالبراءة الكاملة: من حقهما الدفاع عن مصالحهما وعن أمنهما، من حقهما محاربة الإرهاب الذي يهدد الحرث والنسل، ولا يؤدي إلا إلي الخراب.
ولأنني عقلاني ومن دُعاة العقلانية، ولأنني ليبرالي كذلك، أؤمن بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لأنني كذلك منذ نعومة أظفاري أجدني غير قادر علي الصمت إزاء هذا التزييف المتعمد لقيم العقلانية والليبرالية. إن أهم سمات المفكر العقلاني الليبرالي التمتع بحاسة نقدية مرهفة، تجعله قادراً علي نقد نفسه ومراجعة مقولاته. من هنا قد لا أعترض علي النقد الحقيقي لتاريخنا ولثقافتنا وأوضاعنا، بل إنني أجد هذا النقد ضرورياً وجوهرياً وحيوياً لتحقيق التقدم. لكن لا أستطيع أن أتقبل النقد «الأعور» الناظر بعين واحدة إلي الحقائق: الخطأ هنا دائماً والحق هناك دائماً. ليس هذا نقداً، بل هو التزييف، لأنه يتبني دون نقد أيديولوجية الآخر.
يؤسفني أيها العقلانيون الليبراليون الذين ينظرون بعين واحدة، فيتمتعون بحاسة نقدية مفرطة تجاه الأنا، وعمي كامل تجاه الآخر، أن أعلن تبرؤي منكم ومن مواقفكم. ليست المقاومة مغامرة، بل هي الخيار الوحيد المتاح الآن أمام شعوبنا بعد أن انكشف وجه الدولة العربية الحديثة عن «تبعية مطلقة» ضد مصالح الناس. لم يفجعني موقف الأنظمة العربية قاطبة - والنظام المصري خاصة - ولم يفجعني موقف الغرب كله وراء أمريكا - إمبراطورية العالم الحديث - ولا يزعجني الجدل الداخلي بين أبناء لبنان، الذي تكاتف كل مثقفيه وكل سياسييه ضد العدوان رغم خلافاتهم. لكن يزعجني هؤلاء السادرون في تحليلات تبريرية للدولة التابعة وللأنظمة العدوانية باسم العقلانية والليبرالية.
أنتم ضد «حماس» وضد «حزب الله» وضد «الإخوان المسلمين»، بسبب أيديولوجياتهم الدينية، وتخشون أن يؤدي نمو قوتهم إلي إنشاء دول دينية، لكنكم تتجاهلون الوجود الفعلي لدولة ليست دينية فقط بل عنصرية لأنها دولة لليهود «فقط». في هذا الخوف العصابي من الداخل الديني الإسلامي، والاطمئنان المذهل في نفس الوقت لوجود سياسي ديني اسمه «إسرائيل»، تكشفون أن ليبراليتكم وعقلانيتكم ليست زائفة فقط، بل هي عقلانية تخريبية. إنها العقلانية الأمريكية، حيث تكون الفكرة صحيحة بقدر ما هي نافعة. أيها السادة أنتم خائفون من «الإسلام» وليس من الإسلاموية السياسية.
وأنتم غير قادرين علي إدراك أن الخيار الإسلاموي للشعوب هو خيار المضطر، لا خيار الأحرار. اختار الفلسطينيون «حماس» من موقف اليأس من «أوسلو» التي ماتت ولا يريد أحد أن يعلن موتها، ومحاولة للتصدي للفساد المذهل للسلطة الفلسطينية مالياً وإدارياً وسياسياً. هذا هو اختيار المضطر - حسب تحليل الأستاذ هيكل في حوار بقناة «الجزيرة» منذ عدة أسابيع.
في مصر كما في غيرها من بلاد العرب، هل كان اختيار مرشحي الإخوان إلا محاولة للخروج من فساد النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟ ماذا تبقي للمصريين من خيار؟ هذا ما يجب أن نتفهمه بالتحليل دون أن نصاب بالذُعر والعصاب. الإخوان فصيل سياسي مصري يجب التحاور معه، ويجب مساعدة قياداته الفكرية - أعني الفكرية لا السياسية فقط - بالحوار البناء علي تطوير فكرهم. معني الإسلام ليس حكراً علي أحد، لكن الليبراليين العقلانيين سلموا ضمناً بأن معني الإسلام مِلْكٌ للإخوان وحدهم، وأنهم في سبيل محاربة هذا المعني يسعون للقضاء علي الإخوان وعلي الإسلام ذاته إن أمكن. مرة أخري هم أقل ذكاء من سدنتهم في البيت الأبيض، الذين يسعون لتأكيد أنهم ليسوا ضد الإسلام ذاته، بل هم ضد الإرهاب باسم الإسلام. صحيح أنهم يصنفون كل أشكال المقاومة داخل «الإرهاب»، لكنهم يسعون أيضاً لمناصرة المعني الديني الذي يتفق معهم.
ماذا عن «حزب الله»؟ هذا تنظيم نشأ في رحم المقاومة وتغذي بلبانها، ولم يصوب بندقيته أبداً ضد لبناني أو عربي، بل وتحاشي طوال تاريخه في المقاومة أن يمس المدنيين الإسرائيليين. الحرب الأخيرة دفعته دفعاً لتغيير هذا الموقف العقلاني/الأخلاقي، لأن إسرائيل لا تُحارب من أجل استعادة الأسري، بل تُدمر وطناً بأكمله، وطناً يمثل بتعدديته الطائفية المتعايشة نقيض الوجود الصهيوني. من هُنا محاولات إسرائيل المتعددة لتفكيك هذا الكيان في دويلات طائفية. يزعم الكاتب أنه متخصص في «تحليل الخطاب»، وخطاب حزب الله في إطار الحرب الدائرة ليس طائفياً ولا دينياً في جوهره، بل هو خطاب تحرري وطني، خطاب عقلاني اسمه «المقاومة».
عقلانية الخطاب أيها السادة لا تعني اجتثاثه من جذوره الوطنية، ولا تعني تنكره للقيم الإيجابية في تُراثه الثقافي، بل ولا تعني استبعاد «العواطف» من أفق العقلانية. عقلانيتكم وضعية تجريدية تتصور الحسابات العقلية حسابات رياضية. في هذه الحسابات الرياضية تصبح المصالح الضيقة - الشخصية - هي معيار صواب «الأفكار». إنكم خائفون من فقدان مواقع هشة، ومن فقدان مُتَعٍ شخصية، أما مستقبل الأوطان فلا معني له عندكم. ألا ساءت عقلانياتكم ،وسحقاً لليبراليتكم، والنصر للمقاومة.
______

تنويه :
جميـع ما يُنشر هنا لا يمثل الرأي الرسمي للموقع و مالكه المادي بل هي آراء للكتاب وهم يتحملون تبعة آرائهم ، وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم .