ومما وجهناه اليهم:
فقد بنوا فكرهم ودينهم على النظرية الحسية القائلة: كل شئ غير محسوس فهو غير موجود ! فهم يؤمنون بوجود الحس ويجعلونه أصل نظريتهم ، وقد غفلوا عن أن الحس من الغيب غير المحسوس !
فإن قالوا يعرف الحس بالحس فبأي الحواس؟ بالبصر أو السمع أو الشم أو الذوق أو اللمس؟! وإن قالوا يعرف بالعقل فقد اعترفوا بموجود غير محسوس يدركه العقل وبطلت نظريتهم الحسية !
وبما أنهم لم يجيبوا على هذا السؤال ، فمعناه أنهم يقرون بأن النظرية المادية مبنية على أمر غير مادي (غيبي) ! ويضطرون الى موافقتنا في أن الحقائق منها ما يعرف بطريق الحس ومنها بطريق العقل ، وكلها حقائق لا فرق بينهما من هذه الجهة .
2- ومن نوع هذا السؤال: الأذن..والسمع..أيهما الموجود؟
وهو سؤال يعجز عن جوابه من لا يؤمن بالله تعالى ! فهل تسمع بسمعك أم بأذنك؟ وهل الموجود الأذن والسمع كلاهما.. أم الأذن فقط؟! فالأذن والأعصاب تنقل الذبذبات الى المخ، وهي موجودات محسوسة ، ولك سمعٌ تسمع به وهو وجودٌ غير محسوس !
وفي الحقيقة أن الأذن ليست هي التي تسمع ، بل هي جهاز ينقل الذبذبات كأي طبلة وأسلاك ، والمخ ليس هو الذي يسمع ، بل هو جهاز ينقل الإشارات الى السمع ، فهذا السمع إن كان موجوداً مادياً فأين هو وأين مكانه؟ وإن لم يكن موجوداً فلا يمكن أن نسمع ! ولاجواب إلا أنه موجود غير مادي عرفناه بالعقل ، فهو غيبي !
فالسمع موجودٌ مستقل وليس انعكاساً مادياً لأدواته حتى يكون وجوده بوجودها ، فلو لم توجد فهو موجود ، ولو وجدت وسيلة أخرى غير الأذن ، تؤدي دورها لحصل السمع ، فالسمع غير أدواته ! وإن أصروا على أن السمع أثر للمادة ، يبقى السؤال: هو أثرٌ مادي أم غير مادي، فإن كان مادياً فأين هو؟وإلا فقد سقطت النظرية الحسية !
إن الصحيح في السمع والحس أنه موجود بوجود مستقل عن الجسم ، وأنه قوةٌ من قوى الروح التي ترتبط بالبدن بنحو تتقبل رموز تفاعلاته المادية ، وتترجمها الى مدركات !
إن الذي يكلمك ليس بدن مخاطبك بل روحه، بوسيلة آلية معينة.. والذي يفهم منه ويجيبه ليس بدنك بل روحك ، بواسطة آلية معينة ! قال الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً. (الإسراء:85). وستبقى معلومات البشر عن الروح قليلة، وستبقى روح المؤمن والملحد التي بين جنبيه لغزاً ، بها يحيا ويفكر ويتساءل ولايعرف عنها إلا أقل القليل ! وكلما كشفوا معلومة منها انكشفت جوانب أكثر إعجازاً وإلغازاً !
إن الروح حقيقة صارخة ، تجعل الإنسان خاضعاً أمام خالقها ومقنن قوانينها ! لكن أين أصحاب العقول غير المدخولة؟!
إن للروح قوانينها الخاصة وزمانها ومكانها الخاصَّيْن ، وإن كانت مرتبطة بالبدن والزمان والمكان! (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً).
والثاني: سؤاله عن نظريته نفسها هل هي قاعدة مطلقة أم نسبية؟ فإن قال مطلقة فقد نقضها ، وإن قال نسبية فقد كذبها .
إنه لا بد للإنسان أن يؤمن بوجود حقائق مطلقة ثابتة في كل الأحوال وهي التي نسميها البديهيات الأولية(لا الثانوية).مثلاً: حقيقة أن الكل أكبر من الجزء ، أمرٌ ثابت على كل حال مادام الكل كلاً والجزء جزءً، في كل العلوم وفي كل العصور حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ثم في الآخرة ، إلا أن يخرجا عن كونهما كلاً وجزءً .
والحقائق الرياضية البسيطة ثابتة أيضاً مثل أن(2 × 2=4) فما دام العدد والجمع بهذا المعنى فالنتيجة ثابتة .
وأوضح منه قاعدة: أن الشئ لا يكون موجوداً وغير موجود في آن واحد في مكان واحد في ظروف واحدة (قاعدة استحالة التناقض) فهي ثابتة في كل الحالات ، بديهيةٌ عند كل إنسان لأنها مخلوقة في فطرته وتنمو بنمو عقله ، فعندما تعطي طفلك شيئاً في يده ثم تأخذه منه وتسأله أين هو؟ لا يفتش عنه في يده ! ولو قلت له: في يدك وليس فيها لم يقبل منك ، لأن عقله يعلم أن التناقض محال !!
إن هذه المعلومات الثابتة رأس مال موهوبٌ من الله تعالى لكل إنسان ، مع قدرة على الإتجار به لكسب مجهولات جديدة ، بما يسمى عملية التفكير والإستدلال .
وبعضهم يسمي النتيجة الخاطئة حقيقة بالنسبة الى صاحبها !
الكاتب : الشيخ علي الكوراني العاملي
كيف ردَّ الشيعة غزو المغول*
_______
في ربع القرن الأخير تمت المزاوجة والوحدة التامة بين البعثيين والوهابيين في جميع المواد الإعلامية ضد الشيعة (الصفوين) ! فصرت تقرأ نفس المواد ونفس الأفكار والنصوص في مواقع الطرفين في النت
، وتسمعها من وسائل إعلامهم ، وتراها نفسها مطبوعة في الجرائد والمجلات والكتب والكراريس والمنشورات ! كلها تقول إن الصفويين فُرْسٌ متآمرون مع الغرب واليهود على الإسلام ، وأعداء للعرب والمسلمين ، وإنهم اخترعوا مذهب التشيع من أجل ضرب الإسلام السني الذي هو الإسلام الصحيح فقط !
لقد صوروا الحاضر بما يتخيلون ، ثم أسقطوه على التاريخ وارتكبوا لذلك الكذب الواضح الفاضح ، كقولهم إن الشاه إسماعيل الصفوي هو الذي شن الحرب على خلافة بني عثمان جُق ، وشَغَلَهم عن حربهم مع البرتغال ! .
- ثوريون قلدوا النواصب بغير علم
لاشك في وجود نقاط ضعف في سياسات الصفويين وشخصيات ملوكهم ، فهم من هذه الجهة كغيرهم من أصحاب مشاريع الدول الذين خاضوا حروباً وصراعات مع القريب والبعيد ، وكغيرهم من الملوك الذين حكموا المسلمين فظلموا وعدلوا ، وخلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً !
لكن ليس تقييمنا ولا تقييمهم من هذه الناحية ، بل من ناحية مذهبهم والخط العام لحركتهم.. فإلى هذا الفكر الستراتيجي يتوجه نقدهم، وعنه يتوجه دفاعنا .
كان الشباب الإيراني المسلم يعيش تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي ، المتحالف مع الغرب وإسرائيل ، المعادي للتوجهات العربية والإسلامية ، وكان الشباب يناضلون مع علمائهم لإسقاط نظامه وإقامة حكم إسلامي ، فقيل لهم إن حكم الشاه مثل حكم الصفويين ، فكلهم يتوارثون الحكم عن أب وجدّ ، فصدقوا هذه المقولة وحملوها شعاراً في نضالهم بدون علم ولادراسة للتاريخ!
وسافر بعضهم للدراسة في الغرب وسمعوا انتقاد الطلبة من بلاد عربية وإسلامية للشاه والصفويين ، فتناغموا معهم في ذلك وصدقوهم ، وحملوا أفكارهم وتهمهم للصفويين، وسوَّقوها في إعلام الثورة الإسلامية وأدبياتها ، وخلطوا حكم الصفويين بحكم الشاه ، وسرى انتقادهم الى المفردات التي يرونها سلبية من المجتمع الإيراني باعتبارها مفردات صفوية، وأكثروا تكرار ذم الصفوييين حتى كأن ذلك من شروط الثورية والتقدمية ، والتبرؤ من الرجعية !
ولم يعرف هؤلاء البسطاء أنهم جاؤوا ببضاعتهم من سوق النواصب والغربيين وأكاذيبهم ، وأخذوا يبيعونها في مجتمع الشيعة !
من باب المثال ، قالوا لهم إن السلطان سليم كان يمثل الخلافة الإسلامية العثمانية الشاملة للعالم الإسلامي ، والسلطان إسماعيل الصفوي كان يمثل القومية الإيرانية ومذهب التشيع ! فقبلوا منهم !
وهذا هو الإنهزام والجهل أمام كذب الخصوم ! فالسلطان سليم عندما هاجم إيران لم يكن خليفة ! بل كان سلطان قسم من تركيا وما ضموه اليها من مناطق البلقان وأوروبا الشرقية فقط . بينما كان السلطان إسماعيل سلطان إيران وما وراء النهر وقسم من القوقاز والعراق وساحل الخليج ، وكان حليفه السلطان قانصوه الغوري سلطان مصر وسوريا والحجاز وقسم من تركيا ، وكان السلطان الرسمي وعنده الخليفة العباسي . فلماذا يفترضون أنه كان يجب على السلطان إسماعيل أن يطيع العثمانيين؟ ولا يفترضون في السلطان سليم أن يطيع السلطان الشرعي والخليفة الشرعي الساكن في مصر ، كما كان يفعل آباؤه وأجداده مدة قرون ؟
ولماذا يحق للسلطان سليم المغولي أن يشن حرباً على سلطان مصر في سوريا ويأسر الخليفة العباسي ويأتي به الى بلده ويجبره على بيعته سلطاناً أو خليفة ، ولا يجوز للسلطان إسماعيل أن يعلن نفسه خليفة لكل المسلمين وهو قرشي علوي ، أشرف وأكرم من الخليفة العباسي ؟!
في اعتقادي أن هؤلاء الشباب المتحمسين لو قرؤوا مصادر التاريخ ، بالعربية أو بالفارسية ، أو بالفرنسية والإنكليزية ، لتغير رأيهم وعرفوا أنهم خدعوا خدعة كبيرة من كذابين مزورين للتاريخ ! والآن لم يفت الوقت ، فنحن بحاجة الى قراءة جديدة للتاريخ علمية ، لا سطحية مقلدة للوهابيون والقوميين المتعصبين !
وبهذه القراءة سنجد أن العثمانيين لم يكن لهم أرض في بلاد المسلمين إلا قسم من تركيا وساحلها ، فتوغلوا في أوروبا الشرقية ونجحوا وضموا الى دولتهم أكثر بلادها ، ثم بدؤوا بالتوغل في أوربا الغربية وحقق بايزيد نجاحات باهرة ضد البلغار والمجر والإيطاليين ، فخافت أوروبا منه وتحرك الفرنسيون بنشاط وأقنعوا ابنه سليم بالثورة على أبيه وقتله ، وإيقاف التوغل العثماني في أوروبا والتوجه الى شيعة الأناضول وديار بكر ، ثم الى إيران ، ثم الى سوريا ومصر ! فنفذ سليم خطتهم بالكامل وأعطى فرنسا امتيازات في كل بلاده لم تكن تحلم بها أبداً ، كما ستعرف !
كذلك أدعو هؤلاء الشباب الى قراءة التشيع بعمق من مصادره، وترك السطحية والشعارات الخداعة ، فما معنى تقسيم التشيع الى تشيع علوي وتشيع صفوي؟
إنه شعار ودعوى كبيرة محشوة بالإبهام الغموض ، ولذلك كان أول ما تحتاجه أن يفسر صاحبها مقصوده منها ؟
يقول إن التشيع العلوي هو الإسلام المحمدي الصافي ، وهو ثورة دائماً ، والتشيع الصفوي تشيعٌ دولة يدعو الى طاعتها !
أقول: ما دام التشيع هو الإسلام ، فهل يعقل أن ينزل الله تعالى ديناً يقتصر فيه على الأمر بالثورة وهدم الباطل ، بدون الأمر ببناء البديل الحق ؟
وبماذا تصف ثورة الصفويين على الباطل ، أليس تشيعاً علوياً ؟ وبماذا تصف عملية البناء التي تدعو اليها أنت بعد هدم الباطل فهل هي عمل صفوي وليس علوياً؟
إنها لغةٌ هلاميةٌ ضبابيةٌ ، يستعملها أصحابها هرباً من المنهج العلمي ، فيختار أحدهم ألفاظاً ذات أبعاد شعارية تهويلية ، ومنها مقولاتهم:
.
التشيّع العلوي تشيّع تقية المناضل ، والتشيّع الصفوي تشيّع الخامل !
التشيع العلوي تشيع الإجتهاد والإنفتاح ، والصفوي تشيع الجمود والانغلاق !
التشيّع العلوي الرجوع الى العالم المتخصص ، والصفوي هو الطاعة العمياء !
التشيّع العلوي تشيّع الإنسانية ، أما التشيّع الصفوي فتشيّع القومية !
التشيع العلوي تشيّع ثورة كربلاء ، والتشيّع الصفوي تشيّع مصيبة كربلاء !
التشيّع العلوي تشيّع الوحدة ، أما التشيّع الصفوي فهو تشيّع الفرقة !
التشيّع العلوي تشيّع التوحيد ، أما التشيّع الصفوي فهو تشيّع الشرك !
التشيّع العلوي تشيّع السنة ، أما التشيّع الصفوي فهو تشيّع البدعة !
التشيع العلوي يقارع الظالمين ، والتشيع الصفوي يخدم الظالمين .
التشيّع العلوي تشيع الإنتظار الإيجابي ، والتشيع الصفوي الإنتظار السلبي .
الى آخر التعابير التي اخترعها مؤلف الكتاب كالتسنن الأموي والمحمدي !
.
وجاء الدكتور سروش وهو من الحداثويين المغرمين بالغرب وبفرنسا خاصة ، فأمعن في أفكار شريعتي وأبحر في ضبابيتها ، وصعَّد حملته على التشيع الصفوي والإسلام الصفوي ، ودعا الى إسلام في إيران بدون أن يقلد الناس الفقهاء ! ومعناه أنه يدعو الناس لأن يقلدوه هو ! لأن الرجوع الى المتخصصين ضرورة حياتية .
كما طرح القراءات المتعددة للإسلام ، التي يطرحها المستشرقون الفرنسيون وتلاميذهم ، وهي دعوة تبدأ بنقد الوضع الحاضر ، وتدعو الى فتح باب الإجتهاد وتقبل الفهوم المختلفة ، لتصل الى تخريب ألفاظ النص الإسلامي وجعلها مفتوحة لأعمال الشيطنة في التحريف باسم التفسير .
ثم طرح عبد الكريم سروش أفكار الغربيين وبعض المتصوفة الذين يدعون الى عدم التقيد بأي دين ولا شرع ، في مقولته التي سمهاها (الصراطات المستقيمة) وهي تعني أن كل الطرق السماوية والأرضية تؤدي الى الله تعالى !
هذا ، وهو يقول إنه مسلم متضلع في الإسلام، يؤمن بقوله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاتَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون .
ومعناه أنه يعرف اللغة العربية ، وأن الله العليم الحكيم عز وجل اختار للإسلام إسم (الصراط)وهو لفظ مفرد لا جمع له ، واختار لما قابله إسم (السُّبُل) وهو جمع سبيل !
لكن هذا المثقف الحداثوي يقول إن الله تعالى أفرد صراط الهدى بإسمٍ لاجمع له ولكني أنا أجمعه ، فأقول: (صراطات الهدى) ! فماذا تقول لشخص يدعي تديناً وفهماً وهو يقول: قال الله ولكني أقول !
على أني أشك في فهم العرب الحداثويين للغة العربية ، فكيف بغيرهم من الإيرانيين والأتراك والفرنسيين؟! ومن طريف معرفتهم بالعربية ما قاله الرئيس الإيراني السابق الدكتور بني صدر وكان يخطب في قم فقال: إذا وصلت الى نقطة لاتعرف فيها ماذا تفعل فلا تقف ، بل واصل سعيك وجاهد ، قال الله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ !! ثم أخذ يطبق الآية على فكرته !!
ولهذا التخليط بدون علم وصل الدكتور سروش من (الصراطات المستقيمة) الى إنكار بديهيات الوحي باسم الحداثة والعلم ! وهذه نتيجة من يقلد الفرنسيين بدون أن يقرأ الإسلام من مصادره ولغته، إلا بعض كتابات حداثويين فرنسيين !
لايتسع المجال هنا للإفاضة في هذا الموضوع ، لكن ينبغي أن نشير الى جماعة أسسها المستشرقون الفرنسيون هي(الجماعة الحداثوية) وقد حاولوا أن يعطوها صفة الفكر والمنهج فقالوا: الفكر الحداثوي والمنهج الحداثوي ، وربَّوْا عليها تلاميذ وأطلقوهم في بلادنا باسم الحداثويين المجددين للثقافة والفكر الإسلامي ، وهم حفاة من العلم والفكر ، لم يقرؤوا الإسلام من مصادره ، ولا فهموا اللغة العربية .
لا أريد القول إن الدكتور شريعتي منهم ، لكنه دون شك متأثر بهم ، ومن أبرزهم في عصرنا الدكتور محمد أركون ، وهو جزائري فرنسي كثير الكلام بدون طائل ، ينتقد الإسلام والقرآن باسم الفكر الحداثوي ، ومن مؤلفاته مثلاً (أنسنة الإسلام) ومعناه أن الإسلام دين بدوي وحشي، فحضرته يدعو الى تفسير قرآنه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله بتفسير يجعلها إنسانية ! وهو في العمق كأساتذته ومربيه لايؤمن بالنبي صلى الله عليه وآله ولا بالوحي والقرآن ، لكنه يغطي ذلك ويتستر بأنه يدعو الى قراءات متعددة للإسلام لخدمة الإسلام ! وقد اقتدى به الدكتور سروش الى حد كبير مع الأسف !
ومشكلة هؤلاء الحداثويين أنهم أصحاب هدف سياسي بثوب علمي ! ولذلك يصرون على استعمال ألفاظ مبهمة غير محددة ، وهو أسلوب خداع علمي !
وقد ناقشت بعضهم في شبكات النت ودعوت بعضهم للمناظرة فتهرب ، وكتبت في نقد فراغهم العلمي ولغتهم التحريفية ! وأكتفي هنا بكلمات حول هذه النقطة :
إن اللغة الفكرية والثقافية أمر مهم يميز الفكر كما يميز الشخصية ، لذلك كانت اللغة التي يتكلم بها نبي الإسلام وأئمته صلوات الله عليهم والتي يكتب بها علماء الإسلام ودعاته.. لغةً فصيحة محددة لها قوانينها وأنظمتها في اختيار ألفاظها وتراكيبها ولها منطقها العام المشترك مع لغات العالم ، ومنطقها الخاص في كل علم ومجال !
لقد اهتم الله تعالى باللغة حتى أنه ربى اللغة العربية قروناً حتى تكاملت فأنزل بها كتابه ووحيه . وقد تعمق علماؤنا في بحث نظام استعمال الألفاظ والدلالات وقوانين التخاطب والبحث واإستدلال ، حتى كان قسم مباحث الألفاظ من علم أصول الفقه عندهم من أعمق الأبحاث في العالم !
لكن هؤلاء الذين يسمون أنفسهم (حداثويين) يتركون كل قوانين اللغات ومنطق التخاطب ، ويصرون على استعمال ألفاظ وتراكيب جديدة ، لأنهم بحاجة لأن يكتبوا مبهماً في مبهم ! وقال كل شئ ولم يقل شيئاً ! وكفر ولم يكفر ! وآمن ولم يؤمن !
إنهم لايريدون الإعتراف بوجود لغة ذات أنظمة معينة في الفقه والعقيدة والفكر الإسلامي كما في الطب والهندسة وكل العلوم ! ويصرون على أن يأخذوا من يناقشهم الى وادي لغة مطاطة مشوهة التكوين والنمط ، خالية من الأصالة والوضوح والدقة في تحديد الأفكار والمسائل والقضايا ، لايفهمها حتى من يتكلم بها !
إن كبارهم ليسوا أكثر من مدعي علم ، فقد بلغ من ابتذال الدكتور أركون وادعائه الكاذب أنه: (دعي الى المشاركة في برنامج أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية في باريس سنة1989م ، للحديث عن الأصول الإسلامية لحقوق الإنسان ، وبعد أن أنهى محاضرته ، انبرى له المستشرق الفرنسي أرنالديز ، الذي وصفه المترجم هاشم صالح لكتاب (الفكر الإسلامي نقد واجتهاد لأركون) بأنه المختص الوحيد في الإسلاميات ضمن الموجودين، فقال موجهاً كلامه لأركون:(سأدافع ولو للحظة عن كل أولئك الفقهاء والعلماء والمفسرين الذين طالما درستهم وعاشرت نصوصهم! سوف أذكِّر محمد أركون بأن هؤلاء الفقهاء كانوا نشطين جداً ، وأنهم حرّكوا النصوص القرآنية، وأنعشوها بتفاسيرهم إلى درجة أنه يصعب علينا اليوم، حتى باسم العلوم الإنسانية العزيزة جداً عليك يا سيد أركون، أن نجد فيهاشيئاً آخر جديداً غير الذي وجدوه).
(من شبكة ملتقى البحرين).
http://207.218.251.14/forumdisplay.php?s=409344d4c14887aca585bb53aeb1ba2c
وأخيراً ، فقد حمل السلفيون قميص الدكتور شريعتي ، وروجوا لمقولة التشيع الصفوي وطبلوا فيها في كتبهم ومنشوراتهم المعادية للتشيع ، حتى أوصلوها الى مقولة: التشيع العلوي يتولى عمر بن الخطاب ويحبه ، والتشيع الصفوي يتبرأ من عمر !
ووجدوا من القوميين (الشيعة)شخصاً يتحدث عن نظرية التشيع العلوي والعجمي المزعومة في قناة المستقلة المعروفة بعدائها للشيعة ، ويؤلف لهم كتاباً يروج به لهذه المقولة ن ويصفق له الوهابيون !
وكلها محاولات يائسة لتصنيف الشيعة الى أصناف وأقسام وهمية ، لعلهم يجدون منهم إمعات تتبعهم أو تتأثر بهم ، وتسوِّق بعض أفكارهم
_____
* المصدر.
و الحديثُ ذو شجون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] استقلال الكويت الفعلي كان في 19/6/1961 ، و لكن تكريمًا للامير الراحل الشيخ عبد الله السالم تم اختيار يوم إمارته عيدًا وطنيًا للشعب لأنه أبو الاستقلال و الدستور .
[2] قبل مدة نشرت القبس وثيقة تاريخية يحصل فيها ( بن هويدي ) على براءته من ( النوخذة ) ، لتكون صك نجاته !شاهد الوثيقة : اضغط هنا .
[3] الواقع أن الكويت نتيجة لهذا التناشز الإجتماعي و ما ترتب عليه من صراع سياسي واضح في نهاية الستينات و السبعينات و ما ترتب عليه من سياسة التجنيس و غيرها أصابتها ردة حضاريّة واضحة ، من طبيعة المجتمعات البشرية أنها بحسب ما يقوله ابن خلدون تعاني صراعا ما بين البداوة و الحضارة و هذا الصراع يستلزم في احدى مراحله أن تُصاب المجتمعات بحالة من التفسخ و الإنحلال الأخلاقي و لا أظن أن ما يحدث الآن يخرج من هذه الدائرة و العياذ بالله .
_____
* المصدر
الكاتب : mercury
شبكة هجر الثقافية *
______
- على المستوى الادبي
- على المستوى العسكري
- تعريف
- على المستوى الدراسي
- على مستوى العلاقات الزوجية
- على مستوى القراءات المذهبية / الوهابية
- على مستوى القراءات المذهبية / الشيعة
- على المستوى الوظيفي
- على مستوى الدعوة
لا يستطيع الإنسان أن يظل صامتاً إزاء خطاب الليبراليين «العقلاء» في تحليل ما يحدث مما تقوم به إسرائيل من تدمير وقتل وتخريب وهدم لمجتمع كامل اسمه «لبنان»، كان في وقت من الأوقات قبلة هؤلاء الليبراليين ومرتعاً لممارسة أهوائهم العقلية، حين كان لبنان بحق «هايد بارك العرب». هؤلاء العقلانيون لا يرون، أو بالأحري لا يريدون أن يروا، إلا «جريمة حزب الله» الذي مارس حقه الطبيعي باختطاف جنود إسرائيليين من أجل مبادلة الأسري اللبنانيين الذين طال مكوثهم في سجون إسرائيل، رغم انسحابها الإجباري من أرض لبنان عام ٢٠٠٠. وهؤلاء العقلانيون أنفسم أصابهم «هَوَس» جماعي حين قرر الإخوان المسلمون - في مصر والأردن وغيرهما من بلاد العرب - أن يتحولوا إلي حزب سياسي ويخوضوا لعبة «الديمقراطية» بحسب قواعدها المتاحة في ظل القوانين الاستثنائية وتقييد الحريات وحالة الطوارئ. تحول الهوس إلي «عصاب» بحصول الإخوان علي ٨٨ مقعداً في المجلس، رغم البلطجة والتزوير... إلخ.
في فلسطين المحتلة قررت «حماس» الانضمام إلي طابور «الديمقراطيين»، فحصدت أغلبية أصوات الفلسطينيين، ومرة أخري أصابت لعنة «الهوس العصابي» جموع الليبراليين العقلانيين، فما هكذا تكون الديمقراطية، وما هكذا يجب أن تكون. الليبراليون العقلانيون في بلادنا يريدون الديمقراطية «التفصيل»، أو بالأحري يريدون «ديمقراطية» تأتي بهم إلي السلطة دون أن يتجشموا عناء النزول إلي مستوي «العامة» أو «الرعاع» - أو بلغة أرقي «رجل الشارع» - والاختلاط بهم وتفهم أوضاعهم، والوصول إلي مكوناتهم الذهنية والثقافية والتعامل معها.
الليبرالي العقلاني العربي ابن البرجوازية التي تحتضر، أو التي ماتت، يحاول أن يتسلق سلم «العولمة» الاقتصادي والثقافي، فيتبرأ من تاريخه الحديث كله: حركة عُرابي كانت حركة شعبوية أدت إلي احتلال مصر، كانت الناصرية مغامرة أدت إلي الهزيمة، حزب الله يعيد حكم آيات الله ويخدم المصالح الإيرانية، ويورط لبنان في مستنقع الدمار، وحماس سببت الجوع والدمار للشعب الفلسطيني.في هذا الخطاب العقلاني الليبرالي الذي يتبرأ من تاريخه ويغسل يديه من عار «المقاومة» - أي مقاومة - تتمتع أمريكا وإسرائيل بالبراءة الكاملة: من حقهما الدفاع عن مصالحهما وعن أمنهما، من حقهما محاربة الإرهاب الذي يهدد الحرث والنسل، ولا يؤدي إلا إلي الخراب.
ولأنني عقلاني ومن دُعاة العقلانية، ولأنني ليبرالي كذلك، أؤمن بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لأنني كذلك منذ نعومة أظفاري أجدني غير قادر علي الصمت إزاء هذا التزييف المتعمد لقيم العقلانية والليبرالية. إن أهم سمات المفكر العقلاني الليبرالي التمتع بحاسة نقدية مرهفة، تجعله قادراً علي نقد نفسه ومراجعة مقولاته. من هنا قد لا أعترض علي النقد الحقيقي لتاريخنا ولثقافتنا وأوضاعنا، بل إنني أجد هذا النقد ضرورياً وجوهرياً وحيوياً لتحقيق التقدم. لكن لا أستطيع أن أتقبل النقد «الأعور» الناظر بعين واحدة إلي الحقائق: الخطأ هنا دائماً والحق هناك دائماً. ليس هذا نقداً، بل هو التزييف، لأنه يتبني دون نقد أيديولوجية الآخر.
يؤسفني أيها العقلانيون الليبراليون الذين ينظرون بعين واحدة، فيتمتعون بحاسة نقدية مفرطة تجاه الأنا، وعمي كامل تجاه الآخر، أن أعلن تبرؤي منكم ومن مواقفكم. ليست المقاومة مغامرة، بل هي الخيار الوحيد المتاح الآن أمام شعوبنا بعد أن انكشف وجه الدولة العربية الحديثة عن «تبعية مطلقة» ضد مصالح الناس. لم يفجعني موقف الأنظمة العربية قاطبة - والنظام المصري خاصة - ولم يفجعني موقف الغرب كله وراء أمريكا - إمبراطورية العالم الحديث - ولا يزعجني الجدل الداخلي بين أبناء لبنان، الذي تكاتف كل مثقفيه وكل سياسييه ضد العدوان رغم خلافاتهم. لكن يزعجني هؤلاء السادرون في تحليلات تبريرية للدولة التابعة وللأنظمة العدوانية باسم العقلانية والليبرالية.
أنتم ضد «حماس» وضد «حزب الله» وضد «الإخوان المسلمين»، بسبب أيديولوجياتهم الدينية، وتخشون أن يؤدي نمو قوتهم إلي إنشاء دول دينية، لكنكم تتجاهلون الوجود الفعلي لدولة ليست دينية فقط بل عنصرية لأنها دولة لليهود «فقط». في هذا الخوف العصابي من الداخل الديني الإسلامي، والاطمئنان المذهل في نفس الوقت لوجود سياسي ديني اسمه «إسرائيل»، تكشفون أن ليبراليتكم وعقلانيتكم ليست زائفة فقط، بل هي عقلانية تخريبية. إنها العقلانية الأمريكية، حيث تكون الفكرة صحيحة بقدر ما هي نافعة. أيها السادة أنتم خائفون من «الإسلام» وليس من الإسلاموية السياسية.
في مصر كما في غيرها من بلاد العرب، هل كان اختيار مرشحي الإخوان إلا محاولة للخروج من فساد النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟ ماذا تبقي للمصريين من خيار؟ هذا ما يجب أن نتفهمه بالتحليل دون أن نصاب بالذُعر والعصاب. الإخوان فصيل سياسي مصري يجب التحاور معه، ويجب مساعدة قياداته الفكرية - أعني الفكرية لا السياسية فقط - بالحوار البناء علي تطوير فكرهم. معني الإسلام ليس حكراً علي أحد، لكن الليبراليين العقلانيين سلموا ضمناً بأن معني الإسلام مِلْكٌ للإخوان وحدهم، وأنهم في سبيل محاربة هذا المعني يسعون للقضاء علي الإخوان وعلي الإسلام ذاته إن أمكن. مرة أخري هم أقل ذكاء من سدنتهم في البيت الأبيض، الذين يسعون لتأكيد أنهم ليسوا ضد الإسلام ذاته، بل هم ضد الإرهاب باسم الإسلام. صحيح أنهم يصنفون كل أشكال المقاومة داخل «الإرهاب»، لكنهم يسعون أيضاً لمناصرة المعني الديني الذي يتفق معهم.
ماذا عن «حزب الله»؟ هذا تنظيم نشأ في رحم المقاومة وتغذي بلبانها، ولم يصوب بندقيته أبداً ضد لبناني أو عربي، بل وتحاشي طوال تاريخه في المقاومة أن يمس المدنيين الإسرائيليين. الحرب الأخيرة دفعته دفعاً لتغيير هذا الموقف العقلاني/الأخلاقي، لأن إسرائيل لا تُحارب من أجل استعادة الأسري، بل تُدمر وطناً بأكمله، وطناً يمثل بتعدديته الطائفية المتعايشة نقيض الوجود الصهيوني. من هُنا محاولات إسرائيل المتعددة لتفكيك هذا الكيان في دويلات طائفية. يزعم الكاتب أنه متخصص في «تحليل الخطاب»، وخطاب حزب الله في إطار الحرب الدائرة ليس طائفياً ولا دينياً في جوهره، بل هو خطاب تحرري وطني، خطاب عقلاني اسمه «المقاومة».
عقلانية الخطاب أيها السادة لا تعني اجتثاثه من جذوره الوطنية، ولا تعني تنكره للقيم الإيجابية في تُراثه الثقافي، بل ولا تعني استبعاد «العواطف» من أفق العقلانية. عقلانيتكم وضعية تجريدية تتصور الحسابات العقلية حسابات رياضية. في هذه الحسابات الرياضية تصبح المصالح الضيقة - الشخصية - هي معيار صواب «الأفكار». إنكم خائفون من فقدان مواقع هشة، ومن فقدان مُتَعٍ شخصية، أما مستقبل الأوطان فلا معني له عندكم. ألا ساءت عقلانياتكم ،وسحقاً لليبراليتكم، والنصر للمقاومة.
جميـع ما يُنشر هنا لا يمثل الرأي الرسمي للموقع و مالكه المادي بل هي آراء للكتاب وهم يتحملون تبعة آرائهم ، وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم .